الجزء السابع
رهينُ النَّكَبات
ملحمة شعرية في 450
رباعيةً (إصداري السابع والثلاثون)
تروي نكبات فلسطين
منذ بدايتها حتى الآن
تأليف
د. أسامه مصاروه
الجزءُ السابع
181
ومرَّتِ الْعقودُ تتْرى بِنا
ولا يَرى الْوَضْعَ سوى ربِّنا
إخْوَتُنا مِن زمانٍ نسَوْا
وُجودَنا مِنْ شرقِنا لِغرْبِنا
182
أليْسَ ما يجري لنا كافِيا؟
لقدْ غدا الصَّخرُ هنا دامِيا
لكِنَّكُمْ إخوتَنا نُوَّمٌ
وليْسَ مِنْكمْ ويْلَتي واعِيا
183
قلوبُكم لعلّها عَمِيَتْ
بلْ إنَّها بالْفِعْلِ قدْ فَنِيَتْ
تاريخُكُمْ ولّى أيا إخْوَتي
حتى بَدا كصفحةٍ طُوِيَتْ
184
نهايةُ الأبيَضِ كالأسْوَدِ
فالكُلُّ ثيرانٌ لدى الأَسَدِ
قدْ تَدَّعونَ ما سَمِعتُمْ بِها
حتى يحِلَّ الْويْلُ بالْجَسَدِ
185
القَصْفُ مِنْ أعْلى يَفْتِكُ
لا فرْقَ لا تمييزَ فلْيَهْلِكوا
لا عيْشَ للْوحوشِ ذا رَأْيُهمْ
فلْتُهْدَرِ الدَماءُ ولْتُسْفَكوا
186
نحنُ بنو الْمَنونِ ذا فِكْرُهُمْ
ذا سِرُّهُمْ بلْ إنَّهُ أمْرُهُمْ
لِقتْلِنا وَسَلْبِنا أرْضَنا
صراحَةً هذا فقطْ دوْرُهُمْ
187
يسْتَمْتّعونَ إذْ هُنا ملْعَبُ
والْقَتْلُ كالْيُنبوعِ لا ينْضُبُ
وقتْلُنا تسْلِيَةٌ فُرْصَةٌ
كيْ يَتَدَرَّبوا بِنا عَجَبُ!
188
وهكذا يا عالَمَ الظُّلَمِ
وعالَمَ الْقسْوةِ والأَلَمِ
وفي زمانٍ عَفِنٍ نَتِنٍ
أصْبحْتُ مِنْ عَمالَةِ النُّظُمِ
189
رهينَ غُربتيْنِ دونَ الْورى
كَأَنَّما قُبِرْتُ فوقَ الثَّرى
بيْتي هُناكَ إنّما الْغاصِبُ
بالْقصْفِ والتَّدميرِ بيْتي ذَرى
190
الْعُنفُ أصْلًا من خلائِقِهِ
وراسِخٌ في عُمقِ أعماقِهِ
الْقتْلُ والتدميرُ ديْدَنُهُ
وَيُعْلِنُ الأمْرَ بِأَبْواقِهِ
191
لا يستَطيعُ الْعيْشَ إلّا بِهِ
لذا تَرى الْموْتَ على درْبِهِ
حتى غَدتْ للطيْرِ أشلاؤُنا
مأْدُبَةً حتى لِأَربابِهِ
192
يا إخْوَتي فلْتَحْذروا النَّتِنا
وحشًا قبيحًا حاقِدًا عَفِنا
دماءَنا يمْتَصُّها شهْوَةً
حتى يُصّفّي الأرضَ والْوطَنا
193
كمْ يدّعي في السِّلْمِ رغْبَتُهُ
وبالصَّداقاتِ مَحَبَّتُهُ
لِيَجْعلَ الدُنيا هنا جنّةً
وفجْأةً تسْقُطُ ضرْبَتُهُ
194
متى وَأيْنَ ليْتَنا نعْرِفُ
نعْرِفُ أنَّها سَتُسْتأْنَفُ
الطَّبْعُ غلّابٌ كما نفْهَمُ
فلْيُقْتَلوا هُمْ نَحْنُ ولْيَنْزِفوا
195
إنَّ الْوَغى لِفارِسِ الْكّذِبِ
سَبيلُهُ الْوحيدُ للْهَرَبِ
مِنَ الْقَضاءِ الْعادِلِ الْقادِمِ
حتى لَوِ الدِّماءُ للرّكَبِ
196
دِماؤُنا دماؤُهُمْ واحِدُ
لا فرْقَ قالَ الْقاتِلُ الْحاقِدُ
والشَّعْبُ في غيْبوبَةٍ جاثِمُ
خَدَّرَهُ بِسُمِّهِ الْفاسِدُ
197
فكيْفَ تدْعمونَهُ ويْلَكُمْ
أليْسَ أهلُنا هنا أهْلَكُمْ
هلْ فرَّغوكُمْ منْ عُروبَتِكُمْ
حتى فقدْتُمْ ويْلَكم أصْلَكُمْ
198
أمرٌ مُحالٌ فهْمُهُ عَرَبُ
يَرَوْنَ ما يجري وَلا غضَبُ
يا ناسُ لِلذّلَةِ حَدٌ وَلا
يُعْقَلُ هذا الذُّلُّ ما السَّبَبُ؟
199
انْفَطَرَ الْقَلْبُ أسىً وَضَنى
والظَّهْرُ مِنْ قَهْري وَحُزْني انْحَنى
قدْ صارَ يوْمُ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ
يا ربَّنا يَوْمَ الخلاصِ لَنا
200
إذْ أَنَّ فيهِ رَبَّنا أَمْنَنا
حتى وَفيهِ مِنْ عِدىً صوْنَنا
في عالَمٍ حَبيبُهُ نَتِنٌ
والْعُنْفُ كالْأَمواجِ كُنْ عوْنَنا
201
قانونُ غابٍ يَحْكُمُ الْعالَما
هذا الَّذي يُقَدِّرُ الظّالِما
يدْعَمُهُ للْقَتْلِ حتى وَإِنْ
لمْ يبْقَ مِنْهُمْ واحِدٌ سالِما
202
لِلْغَرْبِ تاريخٌ مَعِ الْعَرَبِ
بالْقَتْلِ موْسومٌ وَمِنْ حِقَبِ
لكِنَّ دَعْمَ العُرْبِ للْخائِنِ
يَصُبُّ نَفْطهُمْ على لَهَبي
203
إمارةٌ بالذّلِّ مرْهونَةُ
كمْ هيَ عِندَ الْحُرِّ ملْعونَةُ
كمْ يعْشَقُ الْموْتَ وَيطْلُبُهُ
إذْ روحُهُ بالْعِزِّ مشْحونَةُ
204
لقدْ غدا الْعُربانُ خُدّامَهم
رِجالَهمْ حتى وأنْعامَهْمْ
بلْ أصْبَحَ الْعُربانُ يا ويْلَهمْ
عبيدَ غَرْبٍ همْ وحكامَهُمْ
205
وَهكذا لا تنتهي غُرْبتي
فقبْلَها كذلِكُمْ نكْبَتي
فأُمَتي يا ويْلَتي لا تَرى
مُصيبَتي ولا مَدى كُرْبَتي
206
قد أصْبَحتْ هامِدةً تجْثُمُ
في غيْهبٍ نهارُهُ مُظْلِمُ
من أجلِ ماذا يا تُرى ترْقُدُ
مِنْ أجْلِ نَذْلٍ خائنٍ يحْكُمُ
207
قدْ رضِعَ الذِّلَّةَ في مهْدِهِ
جاءَتْهُ كالميراثِ مِنْ جَدِّهِ
ويْلٌ لكُمْ عَبيدَ واقْ واقِهِمْ
أنتُمْ وَمَنْ يَجْثُمُ في لَحْدِهِ
208
ماذا ستشترونَ بالذّلَّةِ
بعدَ انْتِهاءٍ لِمدى الجوْلَةِ
يا أيُّها العبْدُ ألا أخْبِرَنْ
أَتشتري الذِلَّةَ بالدَّوْلَةِ
209
حقًا أنا لا أَفهمُ الْحاكِما
يقْبَلُهُ الْغَرْبُ فقطْ خادِما
يدوسُهُ الْكُلُّ بِأَقْدامِهمْ
ليْسَ مُهمًا دوْسُهُ طالَما
210
يَظَلُّ فوقَ عَرْشِهِ قاعِيا
بلْ لِمصالِحَ الْعِدى راعِيا
يا ربُّ فَلْتَلْعَنْ عُروشًا وَمَنْ
يقعي عليْها والْعَنِ الدّاعِيا
د. أسامه مصاروه