" مولد النور الخاتم..." القصيدة كاملة
بقلم الشاعر أنور محمود السنيني
لي في الموالد كل حين مولد
ذكرى بروحي واللسان تجدد
لحبيب قلبي والفؤاد محمد
من فيه ربي في العقيدة يعبد
هبت نسائم روحه في مكة
فاستبردت في عز حر يوقد
ومضت تسير على الرياح يحبها
حب المحب تحدر وتصعد
وصلت رقائقها إلى أقصى الدنى
فتنسمتها أنفس لا تجحد
وتقاطرت أخباره من دفتي
كتب لأحبار عليها يشهدوا
بشرى المسيح تحققت آياتها
كي يستريح بصدقها المتردد
اهتز إيوان بها وتحطمت
شرفات كسرى حيث كان المولد
ضجت به الدنيا كذاك وزلزت
أركان شرك والفرائص ترعد
في مولد المختار عمت فرحة
ويقيم مولده الحياة ويقعد
ضاءت سماوات وأرض مثلها
وتهلل الكون الكئيب الأسود
وتبسمت بطحاء مكة واكتست
ببهائه الأحياء ذكرا يحمد
هدل الحمام كما شدت أطيارنا
بحروف أحمد واستهام الهدهد
وترنمت كل الكواكب كلما
رقصت جبال والسهول تزغرد
وزها الجديب وقد كسته خضرة
وازهر صلد كالحجار وجلمد
والمرو في كل البقاع بحالة
مما يشاع كما الحصى تتورد
وترى الطبيعة من ربيع بشارة
أشجارها وغصونها تتأود
والأفق مبتسم بكل فضائه
والسهل يضحك والحزون وفدفد
ما في الوجود بمولد لحبيبنا
إلا وسر به ومنه يسعد
كل الجمال على الحياة معمم
فمحمد لألاؤه متمدد
وبه ومنه كل شيء مبهج
حتى الظلام بذكره يتبدد
فكأن قرن الشمس وجه محمد
وكأنما بدر السماء محمد
قدلاح نور الحق في أرض الدجى
وانزاح ظلم والبواطل تطرد
" اللاة والعزى " وكل خرافة
بطلت ومات بها الفؤاد الملحد
صدحت بذكرالله كل منارة
حقا ورب العالمين موحد
حمل الرسالة والعناد يصده
لكنما رب العباد مؤيد
يرعى مصالحهم بكل أمانة
وكلاب قوم بالأمين تهدد
وجد العناء وسيفه في صبره
والله يرعاه بعين ترصد
جبريل خيره برد أذية
فأبي وخاف عليهمو أن يقصدوا
ملأ الفضاء عدالة وسماحة
وعفا بحلم ما أتاه معربد
أصلحت حال القوم يا عجبا لهم
لو جاء منهم بالجزاء المفسد
شبوا لك النيران يا عجبا لهم
والنار من يدك الكريمة تخمد
أغمدت سيف الحق يا عجبا لهم
وسيوفهم في باطل لا تغمد
بأبي وأمي أنت ياخير الورى
يا أيها الملك الرحيم الأمجد
الرحمة المهداة في زمن طمى
بحر القساة وبالضلالة يزبد
ولقد أتيت إلى الحياة ولم تمت
حتى يغيب من السماء الفرقد
تاهت بذكرك ياحبيبي مهجتى
وبقت لساني في هواك تردد
صلوات ربي والسلام عليك لي
في كل شأني عمرك المتجدد
وأرى احتفال القوم بالذكرى هنا
كذبا إذا ضلوا ولما يقتدوا
لا سيما أهل الصلاح جماعة
فهموا الهدى لكنهم لم يهتدوا
عرفوا سبيلك رحمة ومحبة
فأتوا سواها حيثما يتشددوا
سفكوا الدماء لثورة وخلافة
وتشيع وتحزب يتعربد
رسموا خرائط سؤدد ببنانة
أشنى وأقبح ما تكون لها يد
تركوا التآلف للتحالف ضدهم
كل له وعليه ردء يعضد
الحرث مثل النسل أصبح مهلكا
وذوو المصالح للمسالح مهدوا
جلبوا الحروب عداتها ورجالها
وأسى الشعوب منوع .. متعدد
موت وأجراح وصوت ملجم
وسجون أشباح وظهر يجلد
ودموع موجوع وآهات بها
شاب الرضيع ومات منها الأمرد
بكت الديار من الدمار ومن بقى
من أهلها رغم الحصار تشردوا
القوم في جب الضلالة أدخلوا
متفرقين ومن هداك تجردوا
قوم تمزق شملهم فرأيتهم
إلا على حرق البلاد توحدوا
ركعوا لغير الله ركعة خاضع
مهما أراهم في المساجد يسجدوا
تركوك هديا والكتاب تجاهلوا
مهما تلوا آياته أو جودوا
أخذوا النحاس من الرؤى فكأنما
في هؤلاء الناس يخفى العسجد
جهلوك ياخير الرشاد كأنهم
عما تقول بكل واد يزهدوا
ما حالهم؟ ما شأنهم؟ ياسيدي
وبأي نور غير نورك يسعدوا ؟
لا لن يروا مجدا لهم أبدا ولن
يأتي إليهم من سواك السؤدد
فلقد تركت لنا الذي ما لم نكن
نبقى عليه فغينا متأكد
ومن ابتغى في غيره عزا له
عاش المذلة والمحيا أسود
ساداتنا في العالمين كواكب
بالرشد.. فليعلم بذاك السيد
والمبتغون كرامة لعروبتي
فليسألوا أين المعين المرشد؟
ألهم بدونك ياحبيبي غاية ؟
بؤسا لها حقا وبئس المقصد
ما لي أسائلك الذي أنا فاهم ؟
إني لطول حديثنا متعمد
الحرف مني عاشق ومتيم
بمقام ذكرك والحشا بك يعمد
يا سيدي أنا شاعر وفؤاده
بك مغرم وبك المشاعر تحفد
ترجو الوصول إليك في صلواتها
وسلامها في كل حين تورد
تأتي إليك من العميق تعبدا
مادامت الأيام أو دام الغد
قد بارك الله المدينة كلها
إذ كنت فيها يا حبيبي ترقد
يا ليتني آتي لطيبة زائرا
وأموت فيها كي يكون المرقد
هي هذه الذكرى لأفضل مولد
وأجل مولود فماذا أنشد ؟
قد يعجز الشعراء في بدر الدجى
وصف يليق بكنهه ما يجهدوا
كل البلاغة والفصاحة قد بدا
فيها وفي أهل الكلام تبلد
لكنما حب الحبيب يجرنا
ذكرا له في مولد يتخلد
صلى عليه وسلم الرحمان ما
خضع الزمان له وصلى المسجد
بقلمي أنور محمود السنيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق