ها أنا ذا
بقلم الشاعر محمد عبد الكريم الشعيبي
قد يحتشد سرابُ المكر
-كجحافل جراره-
في رملة الصحراء،
فيخضعُ الحملُ الوديع
لذئابٍ كشرت عن أنيابها،
ويتجرع قطيعٌ بلا راعٍ
علقم الظمأ
بكأسِ المراره.
قد يستشري الفقر
-كالمرض- في جسد اليمن.
فتهمسُ الأم بصوتٍ مفئود
داوود يا طفلي الرضيع
إن صدري المترهل حد الجوع
لم يعد يدر اللبن،
وإن أرض حقلي
القاحلة الجرداء
بلا كلأ....
بلا زرع....
وإن قدور منزلي
ليس فيها إلا الحجاره.
قد تسولُ النفس الأماره
بالأحزان
للعينِ أن تطلق عنان
البكاء،
فتندلق فوق الخدود
سيول الدموع
المدراره.
قد تهبُ ريح القهر
ذات مغبه
وتشعل فتيل الشراره،
فتتقد بين الضلوع
جمرة....
جمرتان...
لكنني يا وطني المعتلي
قمم الحضاره
لن أهاب الحمم المُذابة
في البراكين المُثاره،
ما زال في الحياة
متسع لأكثر من بداية.
وأمل يملأ الدنيا
فرحاً وغناء
وها أنا ذا
أقول بصريح العباره
لن تطعنني بالظهر
يدُ سماءٍ بيضاء
بالفيض تجود،
لن يخذلني ماءُ
الينابيع،
لن يضيعني النهر
الجاري في دمائي بحراره.
ها أنا ذا
أتسلح بالصبر،
أتحدى جبروت الزمن الظالم،
أنفض عني غبار
العثرة،
أظفر بالنصر
بعد الخساره.
ها أنا ذا
أزرع سهولي وجبالي
سنابلَ قمحٍ وثمار.
أرصع جبين الليالي
بياقوت نجمٍ حالم،
بجمال بدور حين اكتمال الأقمار.
أجعل كل فصولي
ربيعاً دائم
ترفل فيهِ الأزهار،
وخمائلٌ تخطبُ ودَ النضاره
ها أنا ذا
من شرود
النهاية
أعودُ.......... قطرة
في مخيلة البحر،
حتى أسبرُ أغواره.
أسئلة النوارس تشدني
كيف أشرق العالم النائم
بين أجفاني ؟
حلماً قُزحي الألوان.
تحت أنظار
الفجر
أغادر كهفي
إلى اطلالة النهار.
تستفيق المدن النعسى
بانتشاء.
تتهلل أسارير
الأمطار
الهاطلة بغزاره.
تتسلل زقزقة العصافير
خلسة لأسماع المدى.
تجيءُ قوافل النسائم
متنافسة عبر الأثير
لمنح الورود
طلول الندى
لمغازلة خدود
البيلسان ،
لرفد شفاه الخزامى،
بمواويل عابقة العبير،
ألمسُ جديلة الشمس بكفي
فتتهادى موسيقى الأضواء
فوق الأشجار،
كالعزف على أوتار
قيثاره.
-محمد عبدالكريم الشعيبي-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق