#قصة_قصيرة
#حب_سرمدي ❤
بقلم الأديبة سميا دكالي
كانت حقيبته قرب الباب ينظر صوبها تارة وتارة أخرى إلى ذاك الوجه الحنون ، الذي لم يفارقه لحظة منذ أن وعى بالوجود . فهو من أول من فتح عينيه عليه ليتعرف على الحياة.
لم تستطع إخفاء الحزن الذي بدا واضحا وقد رسم خطوطه على تعابير وجهها ، وتقاسيمه التي نحثها الزمن . كم كان قلبها يتقطع وهي تشهد رحيل وحيدها ! لقد كانت كل ذرة أمومة تسري في دمها تتوسل إليه ، أن لا يقطع البحر فيتركها فريسة الايام المتشابهة.
نظر إلى شحوب ملامحها ليبعد عينيه بسرعة عنها ، لم يعد يتحمل تلك النظرات . فهو يعلم يقينا بأنه سيفتقد ذلك الحب في البلد الذي سيقصده . ربما قد يحقق طموحه ورغباته الحياتية ، لكن لن يعوضه أي حب عن ذاك الحب السرمدي الخالي من أي مصلحة ، والذي كان يوما موصولا بالحبل السري تطعمه عبره . كما سهرت الليالي وهي ترضعه لبنها ممزوجا بالحنان والأمان.
وهو الآن يتأملها ويسأل نفسه : ترى هل سأجد هذا الحب في مكان ما ؟؟ أكيد لا، كل التساؤلات والتخيلات انتابته جعلته في صراع مع نفسه ، ومع قلبه الذي يحاول أن يطوعه على تحمل ألم الفراق من أجل لقمة عيش . كانت عيناه ما زالتا مركزتين على حقيبته ، متصنعا الابتسامة حتى لا يظهر لها ضعفه خوفا عليها.
وحتى يقطع ذاك الصمت الرهيب وقف منتصبا وقد وضع نظارة سوداء على عينيه ، ليخفي تأثره من بكائها المستمر. انحنى إلى رأسها يقبلها ويمسح دموعها ، ثم ترجل مسرعا ليحمل حقيبته وقد أغلق الباب وراءه تاركا دموعا لا تتوقف وذكريات لا تنسى .
هو الآن في طريقه إلى المجهول اختاره لنفسه ، نعم إلى غربته الموحشة . أمله أن يظل ذاك الحب السرمدي معه في كل خطوة يخطوها بدعواته ، ودعمه ، وحنانه ولو من بعيد . فروح صاحبته ستظل ترفرف في سمائه أينما حل وارتحل. لكن خوفه أن تفارق الحياة قبل أن يعود إليها ليحتمي بحضنها الدافىء.
#سميا_دكالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق