قصة قصيرة
خارطة الطريق
تصيّدت من الزمان لحظة امل وهي تحدق بانظار مشدوهة لبقايا طريق تبعثر اسفلته ليتحول الى نتواءات.غزت وجدانها وارتحلت مع جبّ لن تخرج من غياهبه كما اخرجت المعجزة يوسف عليه السلام ....انما اسقطت فيه
رغما عن إنيتها ....كان الهزيع الاخير من الليل يسدل بحلكته على رمة البيت في اقاصي المدينة ..كيف لها ان
تترشف علقم الشرود وهي تنتظر المبهم ...غادروها جميعا
دون استئذان ...شعرت بحرقة استنفذت سلطان الجلد ولكنه لم يأبه لتشظي كيانها ...استرزقت من الحينيّة وهي
تغدق الفؤاد بالتمني رجوع نفر منهم ولكن هيهات ...
ارتسمت امامها اطياف من الماضي لا تميز ان كان قريبا
او عدّ من قبل السوابق الموقعة بالذكرى المقيتة ....
هلمي يانفس انزعي عنك جبروت الرؤى لن تكون اضغاث
احلام ...انها وقائع تودّدت لها ان تغادر القلب السقيم الا
انها أبت ...هذا الطريق لن يكون مقفرا... من هنا اقبلوا ثم
ادبروا .....
اخذت تلملم بعض ما يستر ذاك الجسد الوهن في حقيبة
سفر....دون تأشيرة عبور ....ولا وجهة معينة...وضعت قميصا له طوته بهوادة واستكانة ،قفلت ازراره وكانها تتحسس صدره ...اه كم ودّت ان تخلد عليه لنوم ابدي
لن تستفيق منه الا بملاقاته في جنة الرضوان ...ياه
هاهي تراه يقتاد الى وجهة للقتال ...لم تستطع ان تخلصه
من مقتاديه ...كل ما اقتدرت عليه هو التضرع لهم بفك
قيده وتركه لحال سبيله لاعالتها وابنيه ...لم تقدر الا على الهرع الى طفليها لتضعهما تحت ردائها ..اشرأبت رقبتها نحو الطريق ثانية ...لم تلمح اي هامة ولا وقع اثار اقدام
انسانية ...سكن الليل وفي سكونه تتراقص الهواجس
...اخذت قبعة لابنها لتضعها في الحقيبة لمحت فيها بعض
الشعيرات المتناثرة بين طيات نسيجه....داعبتها باناملها
وقبلتها ..كان هنا بين احضانها ....غادرها وهو في التاسعة
من عمره ...لم يتحمل جسده الغضّ مرضه الخبيث ..
استفحل سرطان الدم بطفولته ،كابد جرعات الكيميائي ...
كم كان يتلوى امامها من الالم ..لا يقوى على الحراك ..
الويلات لهذا الزمن الارعن سخر من ارهاصات الشفاء
التى ضمدت بها جراح النفس الملتاعة ....ايّ طريق زفّ
فيه نعش ابنها وهي تتهاوى بين ردهاته .. تلطم و تندب
حظها ...لم تمرّ سنة على خبر وفاة زوجها بعد رحلة
بحث عنه باءت بالفشل ..ترمّلت لتثكل في فلذة كبدها ....لم تقدر على كفكفة دموعها ...وضعت القبعة
محاذية لقميص زوجها لتأخذ بتؤدة حافظة نقود لابنها
البكر بدت لها مضمخة بالعرق عليها نقاط شهباء منه..
تركها لها وفيها موفور اتعابه في ما امتهنه يوميا ....
الم يشد ّ ازرها في ايام القحط ولياليها العجاف؟ ...حاول
جاهدا العمل لانتزاع رغيف الحياة ...تملص من عصابات
الشوارع التي تترصد به ..لم يحفل لترغيب مهربي الاسلحةولا لترهبيهم اياه ...قطع مع حال سبيله ...
وساعده القدر في تحصيل الدواء لاخيه عند مرضه
اذ الادوية تحاصر كمحاصرة هذه الارواح لواقعها
الموجود ....لا منشود دون خسارة..تكبدتها حين قرر
ابنها البكر والخمسة عشر عاما تنضح بين خديه ،قرر
المغادرة الى الحدود المجاورة لتحصيل ذات اليد
بعد ان خط التجويع جروحا في تلك البطون المفرغة
لم تركته يغادر من هذا الطريق المقرور المفخخ بالهزائم
والرزايا ؟! لم عارضته القرار حين رام الرحيل صحبتها ؟
اهي الديار تناديها كي لا تجتث من اديمها ؟!ام بقايا
الاطلال التي وقفت تنوح امام منازلها المقوضة ؟!
اي خنساء تماهت معها في مصابها فلا صخر هباط اودية
ولا حمال الوية ولا عشيرة تناشد احتماءها ..فياعينها اذرفي الدمع مسكابا على خارطة طريق تمزقت دلالتها مع
اغتراب الروح الثكلى فسيان بين الحياة والموت ....
استوى العمر في غمرة الخيبات ....
احكمت غلق حقيبتها ...لم تتبصر ما حملته داخلها ...فقدت
البصيرة في خضم هذه النزالات ..لم تتمعن في حقيقة
كنهها ..اهي سليمة العقل ام اصابه الجنون .. غادرت
بيت الخراب ...وحطت رحالها بين مفترق طرق ... وطأت
طريق الخيبات لا فائدة من البحث عن انسانية تلك
الاطياف ...عليها ملاقاتها ...استندت على حقيبتها مثقلة
من أوزار الدنيا جميعها ....اخذت عرفا من شجرة سامقة
وأخذت تخط التراب برسم لخارطة طريق علها توجد بين
تفاصيل ثناياها من غادروها لتجتمع مع عربان عشائرها ...
بقلمي الاستاذة لمياء بولعراس تونس 29 اوت 2019
خارطة الطريق
تصيّدت من الزمان لحظة امل وهي تحدق بانظار مشدوهة لبقايا طريق تبعثر اسفلته ليتحول الى نتواءات.غزت وجدانها وارتحلت مع جبّ لن تخرج من غياهبه كما اخرجت المعجزة يوسف عليه السلام ....انما اسقطت فيه
رغما عن إنيتها ....كان الهزيع الاخير من الليل يسدل بحلكته على رمة البيت في اقاصي المدينة ..كيف لها ان
تترشف علقم الشرود وهي تنتظر المبهم ...غادروها جميعا
دون استئذان ...شعرت بحرقة استنفذت سلطان الجلد ولكنه لم يأبه لتشظي كيانها ...استرزقت من الحينيّة وهي
تغدق الفؤاد بالتمني رجوع نفر منهم ولكن هيهات ...
ارتسمت امامها اطياف من الماضي لا تميز ان كان قريبا
او عدّ من قبل السوابق الموقعة بالذكرى المقيتة ....
هلمي يانفس انزعي عنك جبروت الرؤى لن تكون اضغاث
احلام ...انها وقائع تودّدت لها ان تغادر القلب السقيم الا
انها أبت ...هذا الطريق لن يكون مقفرا... من هنا اقبلوا ثم
ادبروا .....
اخذت تلملم بعض ما يستر ذاك الجسد الوهن في حقيبة
سفر....دون تأشيرة عبور ....ولا وجهة معينة...وضعت قميصا له طوته بهوادة واستكانة ،قفلت ازراره وكانها تتحسس صدره ...اه كم ودّت ان تخلد عليه لنوم ابدي
لن تستفيق منه الا بملاقاته في جنة الرضوان ...ياه
هاهي تراه يقتاد الى وجهة للقتال ...لم تستطع ان تخلصه
من مقتاديه ...كل ما اقتدرت عليه هو التضرع لهم بفك
قيده وتركه لحال سبيله لاعالتها وابنيه ...لم تقدر الا على الهرع الى طفليها لتضعهما تحت ردائها ..اشرأبت رقبتها نحو الطريق ثانية ...لم تلمح اي هامة ولا وقع اثار اقدام
انسانية ...سكن الليل وفي سكونه تتراقص الهواجس
...اخذت قبعة لابنها لتضعها في الحقيبة لمحت فيها بعض
الشعيرات المتناثرة بين طيات نسيجه....داعبتها باناملها
وقبلتها ..كان هنا بين احضانها ....غادرها وهو في التاسعة
من عمره ...لم يتحمل جسده الغضّ مرضه الخبيث ..
استفحل سرطان الدم بطفولته ،كابد جرعات الكيميائي ...
كم كان يتلوى امامها من الالم ..لا يقوى على الحراك ..
الويلات لهذا الزمن الارعن سخر من ارهاصات الشفاء
التى ضمدت بها جراح النفس الملتاعة ....ايّ طريق زفّ
فيه نعش ابنها وهي تتهاوى بين ردهاته .. تلطم و تندب
حظها ...لم تمرّ سنة على خبر وفاة زوجها بعد رحلة
بحث عنه باءت بالفشل ..ترمّلت لتثكل في فلذة كبدها ....لم تقدر على كفكفة دموعها ...وضعت القبعة
محاذية لقميص زوجها لتأخذ بتؤدة حافظة نقود لابنها
البكر بدت لها مضمخة بالعرق عليها نقاط شهباء منه..
تركها لها وفيها موفور اتعابه في ما امتهنه يوميا ....
الم يشد ّ ازرها في ايام القحط ولياليها العجاف؟ ...حاول
جاهدا العمل لانتزاع رغيف الحياة ...تملص من عصابات
الشوارع التي تترصد به ..لم يحفل لترغيب مهربي الاسلحةولا لترهبيهم اياه ...قطع مع حال سبيله ...
وساعده القدر في تحصيل الدواء لاخيه عند مرضه
اذ الادوية تحاصر كمحاصرة هذه الارواح لواقعها
الموجود ....لا منشود دون خسارة..تكبدتها حين قرر
ابنها البكر والخمسة عشر عاما تنضح بين خديه ،قرر
المغادرة الى الحدود المجاورة لتحصيل ذات اليد
بعد ان خط التجويع جروحا في تلك البطون المفرغة
لم تركته يغادر من هذا الطريق المقرور المفخخ بالهزائم
والرزايا ؟! لم عارضته القرار حين رام الرحيل صحبتها ؟
اهي الديار تناديها كي لا تجتث من اديمها ؟!ام بقايا
الاطلال التي وقفت تنوح امام منازلها المقوضة ؟!
اي خنساء تماهت معها في مصابها فلا صخر هباط اودية
ولا حمال الوية ولا عشيرة تناشد احتماءها ..فياعينها اذرفي الدمع مسكابا على خارطة طريق تمزقت دلالتها مع
اغتراب الروح الثكلى فسيان بين الحياة والموت ....
استوى العمر في غمرة الخيبات ....
احكمت غلق حقيبتها ...لم تتبصر ما حملته داخلها ...فقدت
البصيرة في خضم هذه النزالات ..لم تتمعن في حقيقة
كنهها ..اهي سليمة العقل ام اصابه الجنون .. غادرت
بيت الخراب ...وحطت رحالها بين مفترق طرق ... وطأت
طريق الخيبات لا فائدة من البحث عن انسانية تلك
الاطياف ...عليها ملاقاتها ...استندت على حقيبتها مثقلة
من أوزار الدنيا جميعها ....اخذت عرفا من شجرة سامقة
وأخذت تخط التراب برسم لخارطة طريق علها توجد بين
تفاصيل ثناياها من غادروها لتجتمع مع عربان عشائرها ...
بقلمي الاستاذة لمياء بولعراس تونس 29 اوت 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق