الخميس، 25 يونيو 2020

عزف على قيثارة الذكرى للأديبة إسلام محمود النويري

عزف على قيثارة الذكرى
بقلم الأديبة إسلام محمود النويري 
وحين كانت تدور بنا رحى الأيام وتمشي عجلتها ببطء شديد مرت الذكرى بخاطري ، في ذلك اليوم من أيام أغسطس لم يكن يوماً عادياً، فقد كان من أيام الحرب الهوجاء على غزة ، لكن كان النهار غريباً حيث لا ظهور لغربان الليل التي تظهر في وضح النور فتحيله لظلام ، قبل القصف بلحظات كنت أقرأ في تلك المجلة التي هام قلبي بها عشقاً إنها مجلة السعادة ، تلك المجلة التي ترسم السعادة التي في قلوبنا حين تُسلب منا، غفوت وأنا أقرا بها، فجأة  لم أدر ماذا حصل؟ زجاج يتساقط فوقي وصراخ الأطفال يملأ المكان، نظرت من شباك غرفتي لأرى أين سقط الصاروخ ولم أكن أعلم أنه بجواري ، لم أدرك ماذا حصل بعدها؟؟ وجدت نفسي أهرب ولم يكن معي علم أن بيتنا المستهدف فقط رأيت الباب الذي أمامي ولم أشاهد أحداً من أهلي ولم أرَ الدمار الذي حصل، فقط كنت في غيبوبة ، نفسي نفسي مشهد أشبه بيوم القيامة ، يوم يفر المرء من أخيه و أمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه، قادتني قدماي حيث منزل عمي الذي لم يكن يبعد كثيراً عن منزلنا حينها أفقت على الصدمة سيتم بعد قليل قصف منزلنا ، كيف ولماذا وغيرها من الأسئلة دارت بخلدي لم أجد لها جوابٌ سوى أننا أبناء هذه الأرض التي قضّت مضاجعهم ، سقط بعدها الصاروخ الثاني ولا أعلم ما هدفهم من إسقاط الصاروخ تلو الصاروخ وحين نادى آذان العصر بالله أكبر سقط البرميل الذي حول ذكرياتنا لركام وخلف القصف خلفه اصابات أغلبها من الأطفال وكان من بينهم شقيقي الذي كان عمره آنذاك ثمانية أشهر حيث سقط الصاروخ على الغرفة التي فوقه في منزلنا ، مضت الأيام والسنون لكن لم ننس حين يطرق الشوق أبواب قلوبنا من يُفهمه أنه يُرهقها، حين يشتعل حنين الذكريات هنا وهناك وهنا ذكريات مع أناس رحلوا وتركونا، طفولتي كانت وأيامي كانت وكيف يعي الحنين أنه أرهق وجداننا؟ أحد عشر عاماً ونصف  لم أغب فيها سوى أياما معدودة سجلٌ حافلٌ بالذكريات ، رغم أننا منذ عام بيننا شقتنا لكن مازال شعور الغربة بداخلي رغم أنها نفس التفاصيل لكن هيجان الشوق لا يرحم يجعلنا نشعر بغربة في أوطاننا.
#إسلام_محمود_النويري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق