سأزف للموتى بشارة
شعر: فيصل سليم التلاوي
(قيلت هذه القصيدة عندما كان ما سُميَّ بالربيع العربي في بداياته مبشرًا بآمال عِراض وقبل أن تخيب الآمال فيه وينقلب إلى خريفٍ بائسٍ مقيت.)
أنا لست أروي للأُلى قد أدركوا زمن البشارةْ
أو للذي لمح انزياح الصخر عن باب المغارةْ
أو للذين تدافعـــــــــوا من كل زاويةٍ و حارة
لما رأوا هـــذا اللهيب الضخم تشعله شرارة
يتدافعون كأنما قُرعت طبــــــــولٌ للإغارة
يتزاحمون و ليس يثنيهم شــواظٌ أو حرارة
لا يُطفئون فكلهم يوري ولــو بالرمش ناره
أو جاء يقبس قبسةً علَّ الضياء يُصيبُ داره
و يشع منها مُبهـــــــرًا فيعمّ جارته و جاره
يا هــــؤلاء جميعهم ربحت تجارتكم تجارة
من (سيدي بو زيدٍ) شـــــرارته تباركت الشرارةْ
إذ عمت الســــــــــهل الفسيح و ألهبت فيه أوارهْ
و مضت لأقصى الأرض تسبقها بُروقٌ مُستثارة
و هفا لبـَـــــــــرقة طيفها فأحال (بنغازي) مَنارة
و على ضفاف النيل زِيحت ظُلمةٌ و هوت ستارة
و توهج الصــــــبحُ البديع و شعَ من ألقٍ نُضاره
و مضت إلى اليمن السعيد فطـــوّحت عنهُ دِثاره
وإلى ثرى البحــــرين تاقت (للمنامةِ)و(الزِبارة)
وإلى ربوع الشآمِ تسبقها و تحفــــــزها إثارة
لتعانق العاصي و تنثرَ وردها القاني جواره
أنا للألى لم يظفـــروا بالصُبح أو يَلِجوا نهارهْ
و مضوا و ما اكتحلت عيونهمُ بطيفٍ أو أَمارةْ
لهمُ أزفُ بشارتي، طـــوبى لمن سمع البشارة
وأصيح يا صحبي انهضوا، شُقوا الثرى واجلُوا غُباره
و لترتفع صــرخاتكم بين الجنادلِ و الحجارةْ
قولوا إذا عَزَّ المقالُ و غصَ فــــــمٌ بالعِبارة
إنا لهذا اليـــــوم عشنا دهرنا رهنَ الإشارة
و لأجله متنا بســـاح السجن أوهَينا جداره
و حلــــوقنا جفت تناوَبها يَباسٌ بل مرارة
لكن سيل دمائنا يا صاحبي فكّت حصاره
يا أيها الأحباب شُقوا بحركم، خوضوا غِمارهْ
ولتنزعــــــــوا أكفانكم لكمُ الريادةُ والصدارةْ
شهداؤنا أنتم و قادتنا الأماجدُ عن جــــــدارةْ
و ربيعنا يا إخوتي أنتم تُرَوونَ اخضِـــرارهَ
و تُخضِّبون شقائق النعمان كي تُدْموا احمراره
يا أخـــــــــوتي هذا السنا أشعلتموهُ لنا فنارة
لا خيلَ عنديَ أو عتادَ لكي أشاركَكُم بغارة
لكنه اليـــوم الذي أمّلتُ يا صحبي انتظاره
و نذرت عُمريَ كي أراه و كي أعلق فيه شارة
ولقد هرمتُ وفرحتي الكبرى بأن أدركتُ ثارهْ
6/11/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق