رفيق السفر
بقلم الأديبة زهرة فرحات
بحكم أني درست في جامعة بنغازي..وهي بعيدة عن مدينتي التي اسكن فيها..كان لابد من السفر بالطيران...لم اكن وحدي كانت رفيقة دربي ابنة خالي وهي صديقتي منذ الطفولة كنا لا نفترق عن بعض..وشاء القدر أن تكون دراستنا في نفس الكلية كلية الاقتصاد..كانت رحلات الطيران المدني منتظمة في اغلب الاحيان..كنا نذهب إلى المطار معا ونجلس في نفس الكرسي..تعودنا على السفر قد تصل عدد الرحلات إلى ست رحلات في السنة والاغلب كان اربع رحلات ذهابا وايابا...واثناء وجودنا على متن الطائرة عادة هناك ثلاث كراسي عندما نجلس يظل كرسي شاغرا...أحيانا كثيرة تصادف أن يجلس في ذلك الكرسي احد الطلبة..لابأس فهم يعيشون نفس ظروفنا وتعودوا على وجودنا معهم في الجامعة...كانت الفكرة السائدة في ذلك الوقت لماذا تدرس الفتاة بعيدة عن ديارها..مجتمع مغلق نوعا ما..رغم انني وبنت خالي لم نتعرض لهذا في المنطقة التي نسكنها فهناك من سبقنا من نفس العائلة لذلك كانت الامور سهلة لم نجد رفض من احد..المهم ونحن نجلس قريبا من السماء ...في تلك الطائرة نصادف أحيانا شخص يجلس معنا في الكرسي الثالث مع تعدد الأشخاص في الرحلات قررت أنا وابنة خالي أن لا يجلس معنا شخص يتحدث العربية كنا نتعرض لأسئلة مثل لماذا لم تدرسوا في جامعة قريبة منكم..او كيف سمحوا لكم اهلكم بالسفر والدراسة بعيدا عن دياركم لذلك قررنا أن نحجز الكرسي بحقيبة كاننا ننتظر شخص ما إلى أن يكتمل العدد أو يبقى خاليا..وفي تلك الرحلة احسسنا أن هناك ازدحام فلابد من اختيار شخص مناسب...توقف عند مكان جلوسنا رجل في الأربعين من العمر واضح من ملامحه أنه ليس عربيا وأيضا يبدو عليه الاتزان فنظر إلينا وأشار إلى الكرسي يريد أن يجلس وافقنا على الفور...ثم جلس ووضع حقيبة صغيرة تدل على انه أستاذ أو موظف في شركة ما..وتم إبلاغنا بوضع الاحزمة...وانتظرنا لحظات الإقلاع للطائرة...لكن لم يحدث ذلك..مرت خمس دقائق بعدها ثم إبلاغنا بحدوث خلل في تكييف الطائرة سوف يتم إصلاحه وعلينا البقاء في اماكننا...عندها نزعنا الأحزمة..وجلسنا ننتظر داخل علبة الصفيح تلك وبدات الحرارة ترتفع بحكم تعطل أجهزة التبريد...وهنا التفت إلينا ذلك الرجل ثم سألنا بلغة إنجليزية هل تتحدثون بالإنجليزية...أشرنا له برؤسنا ونحن نضحك نعم وقلنا له كلمات متقطعة بمعنى نفهم بعض الجمل...وسنحاول أن نتحادث معك وهو أيضا اعلمنا انه يعرف كلمات محدودة...من لغتنا...قمنا بحالة استنفار لكل معلوماتنا التي تعلمناها خلال دراستنا وكانت ابنة خالي افضل مني واخذنا نركب الجمل ونجيب على أسئلته..كان شخص مرح جدا..وتعرف على اسماءنا صدقا نسيت اسمه كان دكتور بكلية الهندسة بجامعة بنغازي ...وهو من بولندا...ازدادت درجة الحرارة ونحن ننتظر إصلاح العطل مر الوقت مرت نصف ساعة..اخذنا أوراق التعليمات من جيوب المقاعد والجميع يمسك تلك الأوراق ويحركها أمام وجهه لعله يشعر بالراحة وهنا خلع صديقنا الجاكيت تخيل لقد استاءذن منا لفعل ذلك كان في منتهى الذوق...ثم بادرناه بسؤال هل معك عائلتك..فضحك وكانه تذكر موقف ما وقال اووو نو نو ثم تحدث وهو يحاول أن يقرب لنا بحركات يده كانت معي زوجتي العام الماضي..وأرادت أن تذهب إلى الشاطيء فذهبنا معا وقبل أن يتحدث تخيلنا الموقف أنا وصديقتي وضحكنا معا..ونحن ننظر اليه اوو ماذا حدث فضحك وقال نو اووو ثم قال بلغته وملامح وجهه اصابها الاحمرار كادوا ياخذون مني زوجتي ضايقوها كثيرا وفهمنا منه أنها كانت تلبس ملابس البحر وتخيلنا معه الموقف ونحن في تلك الفترة الثمانينات...كان محال ان لا تتعرض للمضايقة..ثم استطرد يقول وهو يصف الموقف بحديثه وحركات عيونه..وهو مندهش جدا من تصرفهم لقد عدنا إلى البيت فورا وبعد فترة كان علي ارجاعها إلى بلدي أصابنا خجل وهدوء ثم حاولنا افهامه بجمل ناقصة أحيانا ولكنها تؤدي الغرض نحن المسلمون لا نرتدي تلك الثياب خارج البيت..ديننا وعاداتنا تفرض علينا ذلك ليبيا بلد عربي مسلم..اؤماءباشارة من رأسه أنه يفهم ذلك ولكن زوجته لم تستطع التعايش بهذه الطريقة..فكان الحل ارجاعها إلى بولندا...
مرت ساعة تقريبا ونحن جالسون والحر يزيد والجميع في حالة توتر وصديقنا أيضا ابتلت قميصه من العرق..فهو اكثر تضررا منا فنحن متعودون على إرتفاع درجات الحرارة ولو أننا جميعا احسسنا بالضيق والترقب هل سيتم إصلاح العطل وتطير بنا الطائرة وماهي إلا لحظات وتكلم المضيف..الحمد لله تم إصلاح العطل نأمل من جميع الركاب ربط الاحزمة ونعتذر عن التاخير الخارج عن ارادتنا..تنفسنا الصعداء واخذت عجلات الطائرة تتحرك وصوت المحرك ولحظات مرت وإذا بها تقلع بحمد الله ومن تم فككنا الاحزمة وانخفضت الحرارة وصفق الجميع ..فرحا بمغادرة المطار وبينما نحن بين السماء والأرض...اكملنا الحديث مع الدكتور المهندس..وكانت عندنا بعض الاساور من اللداين..كنا نستعملها كاكسسوار في تلك الفترة..اعطيناه مجموعة منها هدية منا الى زوجته..وفرح جدا بها وشكرنا على ذلك ثم قرر كل واحد منا أن يرتاح بقية الرحلة لينعم بالهدوء إلى أن تهبط الطائرة...
وصلنا بسلام ودعنا صديقنا وكانت الابتسامة وكلمات الشكر لا تفارق محياه...المهم أنه لم يسألنا ...كيف سمح لكم اهلكم بالدراسة بعيدا عنهم...واستمعنا إلى صوت المضيف وهو يقول أرجو من الجميع ربط الاحزمة نتمنى لكم رحلة طيبة عبر طيران الخطوط الجوية الليبية..
قلمي..⚘⚘⚘
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق