#المُتيم التائه
بقلم الشاعرة عائشه العزيزي
قصه قصيره
كُل يوم تذهب الی البحر، حتی تستأنس به ،وتستشف منه حلاوة الرسم، تجلس وحيده الا من شعور الحُب، الذی ينتشی قلبها به، لتحول كُل احسايسها علی لوحة البحر، لترسم احلی مافی الطبيعه صفاؤها، كُل يوم تأتی وهی مجرده من كُل هموم الدُنيا، لتعانق روعة الخالق بريشتها، تضع رتوشاً جديده فی ثوبها، كلها الواناً قزحيه، مبهجه ،مفعمه بالحيويه، كموسيقی حلقها التی تشترك مع موج البحر فی رقصاته الناعمة الهائجه، لتكون امرأة خطره علی تلك الشمس ، وهی تُعاندها بذلك الثوب الفضی الذی ترتديه، وكأنها تُثبت للشمس انها ليست لوحدها ، المتوهجه والتی تشع نور ونار مُحرقه لمن يقترب منها، وكعادتها كُل مساء تُلملم اغراضها فی حقيبة الامل، لتنتظر فجر جديد يطُل علی عينيها الزرقاوان ،ولاتنسی مشروبها المُفضل من القهوه التی ترتشفها لآخر قطره. وذات يوم ،لاحظت بأن مخلوق ما يُراقبها من بعيد، رجُل علی مشارف العقد الخامس، يقطتف آخر اوراق زهرتهُ الاربعينيه، لتنثر عبير وسامتهُ علی مظهره، والشعر الثلجی الذی بدأ فی غزو رأسهُ ، كحمامة سلام مُصره ان تطير بوقار وحكمه، يرتدی هندام انيق، اسود بلون تربتهُ العربيه، ورابطة عُنق لاتقل جمالاً عن فستانها ،غير انه تحايل علی الشمس، لتنقش تلك الرابطه بخيوطها الذهبيه ممزوجه بلون تربتهُ، ظل ينظُر اليها طويلاً، وهی تسألُ نفسها فی استعلاء،رُبما انهُ مُعجب!....،كان ينظر الی البحر احياناً فی سعادة غامره،رُغم قسوة الشمس ،التی تجبرهُ علی ان يُخرِج منديله المزركش بالاسود ولون الرمل الذی كان يُعكر صفو حذائه، ليمسح لئلأاات عرقهُ، اما هی كانت قويه عنيده ،كالصخرة التی تستندُ عليها،جميلة كرائحة البحر،نديه كهوائهُ. وذات يوم قررت ان تستغل ذكائُها ،لتعرف اذا كان هذا الوسيم ،يجلسُ ينتظرها، ام انه ينتظر أخری عبرت غيابة البحر. وبذكاء المرأه استندت وراء صخرة عاليه قاربت نصف الساعه،وهی تُسجل كُل تعبيراته بريشتها الصادقه،وهو يلتفتُ يُمنة ويُسرا، لدرجة انه خلع حذائه،ونحاههُ جانباً وجلس علی صخرتها ،يُقلبَ حبات الرمل بيديه،كأنها كتاب، وفجأه توقف!.نظر الی البحر طويلاً، ثم قرر الولوج فيه، وهو يُنادی عليها بعنفوان صدرهُ، وشبابهُ الذی يُلملم اوراقهُ، وكأنه يبحثُ فيها عن حُب تركهُ فی صغرِه، الغريب ان تلك المشاكسه اخذتها الشفقة عليه، تركت متاعها علی الصخره، وجلست تنظُر حاله من بعيد، بعد ان انهت رسمتُها.ولكن الهواء بذكوريتهُ تعاطف معهُ ،رُبما هو الآخر اشفق علی حالهُ ، فاسقط ريشتِها من فوق الرسمه، لتطير اليه وتخبرهُ بأنها رسمت كُل تفاصيل بعثرتهُ، وكتبت فوقها"مُتيم تائه"، ليوقن بعدها انها استوطنت قلبهُ، وخاصة بعد ان اشتم رائحة حُسنها العالق بالرسمه،وانها مازالت بجواره فی نفس المكان، ولكن ،كيف لمتمرده مثلِها ان تجعلهُ يُمسكَ بها،شحذت همتها، وامسكت بحذاء الاميرات التی ترتديه، وفی خُف الريشه ،حملها الهواء الی حيثُ تشاء، لتتركهُ يبحثُ عن تلك الملكه،التی احتلت عرش قلبهُ، وبالرُغم من قَسوتها عليه،رفضَ ان يُشعل ثورة ضدها ويطالبها بالتنحی .
بقلمی/
عائشه العزيزي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق