خريف الربيع
بقلم د. أسامه مصاروه
ربيعُ شعوبِ الأرضِ يأتي بديعا
لطيفًا جميلًا دافئًا ووديعا
فيحيي كسيرَ القلبِ بعدَ شقائِهِ
ولا يرْتضي أنْ يلتقيهِ صريعا
ولكنْ ربيعُ العُرْبِ جاءَ بلا زهرِ
بلا نِسْمَةٍ فوّاحةٍ بشذا عطْرِ
بلا بَسْمةٍ تعلو شِفاهً تشقَّقتْ
بلا غيْمةٍ تأتي لنا بِصدى قَطرِ
ربيعُ بلادِ العُربِ جاءَ مُدمِّرا
بعكسِ ربيعِ الغُربِ إذْ جاءَ مُزهرا
لقدْ كنتُ أرجو أن تحينَ منيَّتي
فقط بعدَ أنْ ألقى شقيقي مُظفّرا
خريفٌ ظننّاهُ ربيعًا مُشجّعا
وفي بيتِ أحرارٍ عِظامٍ مُصَنّعا
ولكنَّهُ قدْ صيغَ في بيتِ غاصبٍ
لِتبقى ديارُ العُرْبِ للنذلِ مَرْتَعا
تُرى هلْ ربيعُ العُرْبِ جاءَ مُحرِّرا
لقومٍ عرِفْناهُ لعمري مُخدَّرا؟
لماذا إذًا أدّى لهدْمِ بلادِنا
وَجعْلِ دماءِ العُرْبِ نفطًا لِتُهْدَرا
لنذلٍ أيا قومي بلادي تُسلَّمُ
لنذلٍ حقيرٍ يا إلهي تُقدّمُ
بلادي مشاعًا أصبحتْ لِعدوِّها
لهُ خيرُها لا شيءَ فيها يُحرَّمُ
ونحنُ نرى لكنّنا لا نقاومُ
وأيضًا إذا هُنّا بذُلٍّ نُسالِمُ
ومِنْ ضعفِنا لا يحسِبونَ حسابَنا
وحتى على أقداسِنا قد نُساوِمُ
أمِنْ أجلِ كرْسيٍ تُباعُ بلادُنا
وَمنْ أجلِها أيضًا يُهانُ وُجودُنا
فما قيمةُ الإنسانِ دونَ كرامةٍ
وكيفَ نُرى لمّا تُباحُ حدودُنا
لعمْري لقدْ عُدْنا إلى الجاهليّةِ
ولا ننْتَمي إلّا إلى العائليّةِ
وعادتْ إليْنا من جديدٍ حُروبُنا
وثارتْ أيا ربّي لظى الطائفيّةِ
عباقرَةٌ أصنامُنا الجِنَرالاتِ
بتمثيلِهمْ أدوارَهمْ في البُطولاتِ
ونعلمُ أيضًا حُبَّهُمْ للشِعاراتِ
ونعْرِفُ حتى ميْلَهمْ للجميلاتِ
إلهي أنا ما عُدتُ أفهمُ ما يجري
فحكامُنا صاروا عبيدًا ولا أدري
لماذا؟ وهل كُنَا عبيدًا وما زِلْنا؟
وهلْ دوْرُهمْ يقْضي بِسَعْيٍ إلى قهري؟
وقومي بلا صوتٍ وذو الذلِّ أخرَسُ
وهلْ في الدُنى يا ربُّ مَنْ هوَ أتْعسُ
عظيمًا كريمًا كانَ قومي فما الداعي
ليأمُرَنا غازٍ فلا نتوجَّسُ
ولا نلتقي صفًا ولا نتوحَّدُ
لصدّ عدوٍّ قاتلٍ يتوعّدُ
ودونَ اعْتِبارٍ أو حسابٍ لِأُمَّتي
يراوِغُ في أقوالهِ أوْ يُهدِّدُ
تُرى ما الذي يجري وكيفَ يُفسَرُ
وكيفَ هوانُ العُربِ هذا يُصوّرُ
أَنَحْتاجُ دهرًا يا إلهي لكي نعي
كريهٌ عدوّي لوْ بِمسكٍ يُعطَّرُ
وأنْتَ عميلُ الغرْبِ هل مِنْ مُبرِّرِ
لِإذْلالِ شعبٍ مُعْدَمٍ ومُكدَّرِ
أتخشى الأهالي لا غُزاةَ ديارِنا
ولستَ سوى عبدٍ ذليلٍ مُسخّرِ
أيا إخوَتي يا مَنْ صبرْتُمْ على الأسى
ويا من تحمّلْتمْ ضروبًا مِنَ الأذى
تُرى هل هوانُ العُربِ أمرٌ مقَدَّرٌ
وليسَ لهمْ حقٌّ بصدِّ مَنِ اعْتَدى؟
غريبٌ عجيبٌ للصوصِ دوافعُ
قوانينُ قتْلٍ تحتويها المراجعُ
مراجِعُ شيطانٍ فَمَنْ غيْرُهُ لهمْ
وَمَنْ غيرُهُ عنْهمْ بِحزْمٍ يُدافعُ
وبعْدَ زمانٍ لمْ أُصدِّقْ وصولَهُ
وصولَ ربيعٍ لمْ يُؤخِّرْ حُلولَهُ
خرابٌ وقتلٌ بل دمارٌ لأُوطانٍ
بِأمرٍ مِنَ الغازي يحُثُّ فُلولَهُ
د. أسامه مصاروه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق