🌹سحابة صيف 🌹
بقلم الأستاذة سعاد إيمان
كان اسمها سعيدة ،رغم أن مدلوله لا يمت لحياتها التعيسة بصلة ،فأحيانا أسماؤنا لا تنسجم مع ذواتنا ،فتخضع للتصغير حتى تلاءمنا .كان قلب سعيدة، يتفطر من الحزن واللوعة و الأسى على رفيق العمر و الشريك وتتضرع حسرة على الأجر الزهيد الذي تتقاضاه ،فهو لا يكفي للأستجابة لكل متطلبات الحياة ،من مأكل و ملبس و كراء، ورعاية فلذة كبدها التي التحقت في سن المراهقة بالأقسام التأهيلية بالسلك الثانوي، كانت كغصن الريحان.ذات قوام ممشوق ووجه مليح و عينين خضروين يعكسان الطهارة و العفاف ،تنظر إليها أمها نظرة إكبار و إعجاب وتمجد قدرها بالقول ان شخصيتها تليق بمهنة الطب أو الهندسة ، و لكي يتحقق المراد ،و تتغلب على متطلبات الحياة و حاجياتها ، اضطرت الأم الخروج للعمل طيلة النهار في إحدى المطاعم ،تغادرقبل الفجر ،و تعود عندما تنحدر الشمس عند حافة السماء ،و بعد عناء طويل تعود إلى بيتها ،تنام ملء عينيها و لاتكثر لابنتها .مرت أيام وهي على هذا الحال حتى استفاقت في ليلة كان فيها القمر في إجازة تامة ،لتجد سرير ابنتها خاليا لايحتضن جسدها .فقدت كل قوتها تحت و طأة الصدمة ،هرعت تسأل الجيران و الأصحاب إلى أن وجدت من أنار لها السبيل ،مرقص ترتاده هي وصديق لها .أسرعت الأم إلى الداخل ولما أبصرت ابنتها ،امتلكتها صفرة ورعشة قوية و سقطت مغمى عليها . فتحت الأم عينيها على أرقام الساعة المعلقة على الحائط، ممرضة بوزرتها البيضاء ،و نواح تكسوه زفرات مطعمة بلهيب الإحتراق ،إنها ابنتها التي تتوسل الغفران ، معلنة استعدادها للإمثتال لأوامر أمها كيفما كانت ..تم الشفاء ، و عادت الأم إلى بيتها لتجد برقية من عمها يحثها على الحضور المؤكد لتحظى بحقها من الميراث ،ولكونها الوريثة الشرعية الوحيدة لأبيها ،فإن نصيبها مكنها من تغيير المدينة و اقتناء مسكن ومحل لتهيىء وتحضير الوجبات السريعة .وخول لها إلتزام الحذر،ورعاية ابنتها بعيدا عن توائم الشيطان ، إلى أن أكملت تعليمها ونالت منصبا هاما ، الكل يجلون أفكارها ويبادلونها المودة و التقدير و الإحترام . في العيادة قالت لها أمها بصوت رخيم و البسمة تعلو محياها ...ابنتي فائزة ، فعلا اسمك يمتلك سحرا، فرض سلطته على اختياراتك في الحياة ......حفظك الله و حماك.....
ذ/سعاد إيمان .08 /09 /2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق