صديقي العزيز
بقلم الأديب الحسين صبري
يا صديقي سمعت أن الغيث جيد عندكم سقى الزَّرع والضَّرع و غسل الوجوه الناعسة ورائحة التراب تزداد قوة كلما أشتد المطر حتى فاح وعبق كل الأرجاء فأستنشقه الجميع
ياصديقي مازالت وجوهنا شاحبة اللون بل إزدادت إصفراراً والمطر غسل أشجار البرتقال وعراجين النخل ولم يغسل النفوس المريضة ولا شَّذا للتراب
هنا لا شئ جديد حتى الشجر بقى باهت لونه ولم يسقط ورقه فأشجارنا عنيدة مثلنا ولا(الخريف)أثر عليها
أنقلب كل شئ رأساً على عقب ولم يعد للحياة طعماً و لا لون،أنتزع(كبد)الفضيلة وجلست الرَذِيلة على العرش مرتدية رداءً أحمر فاقعً (أنيق)معطر،لم يعد هناك مايضحكنا بل أصبح الضحك مستفزاً و يغضب أحياناً أصبح الضحك يؤذينا و يؤنبنا والابتسامة تشعرنا بالجرم
لقد جفت الدموع ويبدوا أنها رحلت أو تحجرت في المآق ولن أشبهها هذه المرة بحبة(لؤلؤ) و مازلنا تحت وطأة المراوغة وأحتسينا كؤوس الغفلة ونغمس واقعنا في صحن الذهول ونمطتئ الخواء
ياصديقي في كل حكايات الالم أوجاع فصرنا نعيش الوجع دون الالم والعقول كصخرة صماء لا تبحث عن (مقام كريم) وازدلف الكذب بل إلتصق بالنفوس حتى صار تصديقه أمراً عادياً بل طبيعي جداً
ياصديقى كلنا واهمون ،يتباجج قومي في صلف وإدّعاءالحق وإنتصارات وهمية والحقيقة تجدهم ينظرون وهم لا يبصرون تجدهم يضحكون وهم لا يشعرون ولا تعرف هل هم صاحون أم نائمون أو أننا جميعاً تائهون
ياصديقي العزيز أبعث إليك هذه الرسالة لأخبرك عن إكتشاف(عظيم) أن أصابع اليد صارت متشابهة رغم إختلاف مسمياتها،فصار الخنصر كالوسطى والوسطى كالإبهام والإبهام كالبنصر أما السبابة وقفت عن العمل ولم تعد(تشير)لأحد ولم تعد اليد تنفع لشيء إلا لقرع(طبول الحرب) والتى في الاصل (أي الطبول)صنعت من جلدنا و عظامنا
ولا تقلق على صاحبك ياصديقي فلازلنا على قيد الحياة تحت الانقاض نحاول إنقاذ ماتبقى من أرواحنا فالركام ترك غباراً جعلنا نغمض أعيننا وحدث فراغ كبير في الافكار
ولنا لقاء ياصديقي العزيز في القريب العاجل وإلى حين ذلك لا تجعل رسائلك تتوقف عنا فأخباركم واحوالكم الطيبة تسعدنا جداً وتزرع على شفاهنا الأبتسامة و كأن سطور رسائلكم بلسماً لأوجاعنا،دمتم بخير
#الحسين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق