الكتابة في نظر صاحبها
خبير الأدب : محمد بوعزة
_________
لماذا أكتب؟
أكتب حتى لا تصاب الحروف بالكساد ، حتى يزداد النبض وتخف دورة دماء الظاد ...
رحم الله " راضية العشابة "التي سجلت للأدب بروائع الأعشاب ، رغم أُمِّيتها أبت إلا أن تدخل تاريخ الكتابة من كل باب ، وتدوِّن بالعروق والأ راق ، بأبجدية ما فوق السديم والتراب لتؤلف أكثر من مجلد وكتاب .
سأكتب حتى يتحول زغب فراخي إلى ريش بألوان الطيف ، وتتعلق عصافيري فوق أراجيح قوس قزح .
سأكتب حتى تتحول كتاباتي إلى مقص فنٍّ يزيل عن وجهي بعد موتي رباط الكفن ! .... حتى تتحول قَزِّية الكتابة إلى حورية داخل يرقة الرموز ، وسأسعد ؛ سأسعد كثيرا عندما تُصْلَب قصائدي ، نثري ، على سبائك المقاصِل ، فتنطوي أمامها وتنْهدُّ حبال المشانق في فضاء الأثير ...حتى تُسْحَل الجُمل على حصير التعبير ؛ فيتصاعد من غبار حروفها وهي تُجَرُّ عبير..!
برزخ الكلمات ليس كبرزخ الأ رواح ، تموت الكلمة ولا تموت الحروف ، تتفسخ جلودها لتطل في كساء جديد ؛ فقد تشيخ الكلمة لتصبح فقط بعد حين المخلوق الجديد .
_ أن أكتب فقد زرعتُ بذور الخلود ، وغمست أنامل كفي في إناء حناء الأزل
_ أن أكتب ؛ فقد التحفتُ سَجّاد بزنطة والفرس ، واعتصبتُ بعمامة جمعت بين زركشة الشام وزخارف اليمن ....
سأكتب وأظل أكتب لأنه ما زال في رحم الكتابة توابع ما استنفدَتْها بعد مراحل المخاض والإنجاب ، وسألتقط ما ضاع في الأثير من حكمة ، وأفترش صفحات الماء لأسترق السمع من همس الأمواج ، أعانق البرق في درب الرعود ، وأرمي بالشراع في وجه الأعاصير ، أسْتَلّ من بين السراب والغمام شفرة السر ، وأُشَغِّل طواحين الكلام ...
ومن الآن ، من الآن سأدفع بقصائدي لتحُجَّ بقيع الشعر ورقيم المنثور ، لتعود معتمرة فتوزع على القُرّاء تسابيح البلاغة وصكوك البيان.
محمد بوعزة
دبدو/تاوريرت /المغرب
505/3/2022
قُتِل الإنسان ما أكْفرَهْ !!
_______________
كأقلام الرصاص كلما تآكلنا
جدَّدَتْ رؤوسَنا شفرةُ المِنْجَرهْ
نُداري الأيام نجُرُّ أتقالها
جَرَّ الحمارِ لحَجَر المِعصَرهْ
فما استوعبْنا الدروسَ وما
كانت الدروسُ لنا مُعبِّرهْ
تذكروا وصايا العصفورة للفلاَّح
بعد أن وعَدَتْه بذهب وجوْهرَهْ
حتى إذا استأنس منها وعْدا
وصارت فوق أعلى الشجرهْ
قال بتحسُّر ندْماناً أسِفَا
هاتِني الثالثةَ ياصديقتي القُبَّرهْ
قالت نسيتَ الأولى والثانيه
فكيف أعطيك الثالثةَ والعشَرهْ
هي الحكمة من عقلاء نأخذها
ومن حمْقى كما مِنْ قُبَّرهْ
قبور نسير ، ورفات واقفة
حتى ولو لم نلحق بالمَقْبرهْ
ظَلومٌ حقا أنا ، وظلوم أخي
لا مَنْ لامَني ولا مَن أنْهَرَهْ
عَجول غيور ميَّال للهوى
قُتِل الإنسان يا ما اكْفَرَهْ
عمَّ البلاءُ والخوف فينا انْفشى
نبكي الأمان ونقتفي أثرَهْ
تحْسَبُنا واحدا وقلوبنا شتَّى
غاب الرأي ولا مِن مَشْوَرهْ
بات الحوار لا يحُل مشكلة
والعقل لعمري أصْلبُ من حَجرَهْ
الطاعات تَغافلْنا عن حُرْمتها
ونسي العبد ما الله به أمرٌهْ
مآسينا تعجِّل حتما بوأْدِنا
بأسنانه الإنسانُ قبْرَه حفَرَهْ
محمد بوعزة (خبير الأدب)
دبدو/ تاوريرت / المغرب
04/3/2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق