/ دهاء فتى /
بقلم الأديب ولد .ع. العايش
دنوت من الفتاة الشقراء بخجل: ( أريد كتاب التاريخ فقد نسيت كتابي اليوم ... )؛ لا أدري إن كانت قد صدقتني أم لا لكنها ناولتني الكتاب وهي تبتسم في وجهي .
كثيرا ما اهتزت يداي وأنا أدس الرسالة بين وريقات الكتاب كاللص الذي يبحث عن مكان ليدخل مكانا ما قرر سرقته ، أخيرا مضى كل شيء على ما يرام ، حتى اللحظة الأمور تبدو جيدة ، فجأة وبعد انتهاء الدرس اقتربت مني ، كانت حقيبتي ( العتيقة ) مفتوحة فظهر من خلالها كتاب التاريخ ( هو لي طبعا ) ، بينما كان كتابها بين يدي ، نظرت إلى المكان الذي كانت تنظر إليه فاكتشفت بإنها عرفت كذبتي تلك لكنها لم تبد أية ردة فعل: ( ماذا ستفعل بالاستراحة ... دعنا نتمشى معا في الباحة ) ؛ كان العرق يتصبب فوق جبيني فيصيب عيناي بحرقة مالحة: ( لا ... لا ... سوف ألعب الكرة مع رفاقي ... خذي كتابك ) ناولتها الكتاب ثم خرجت مسرعا .
لم ألعب الكرة ، ولم أحادث أحدا خلال الاستراحة ، كان تفكيري قد أصيب بالشلل ، كيف سأنظر إلى وجهها بعد أن تقرأ الرسالة ، يا إلهي كيف فعلت ذلك لربما اشكتني للمدير ، الأفكار تتصارع في حلبة ملاكمة ، لا شيء محدد حتى الآن ، تبقى للجرس وقت قصير جدا ، ذهبت إلى الصف ، حملت حقيبتي وصعدت سور المدرسة هاربا خارجها ، أظن بأنها المرة الأولى التي أفعل بها ذلك في مسيرتي .
في اليوك التالي كان لابد من اللقاء ، كنت اختلس النظرات صوبها دون أن تراني ، ومن قال ذلك فهي كانت تراني وربما تفعل ذات الشيء أيضا .
في استراحة ما بين الدرسين جائتني على عجل قبل أن يحضر الأستاذ ( أريد كتاب الرياضيات ) وهي تعي تماما بأني أكرهه ، ناولتها الكتاب الذي عاد إلي بعد ساعة واحدة فقط تفوح منه رائحة عطر جميل وبداخله صورة لقطتين صغيرتين .
كتبت على خلفية الصورة : ( هم أيضا يحبون كما نحن ) .
وليد.ع.العايش
٢٤ / ٨ / ٢٠٢١م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق