الأحد، 22 مايو 2022

نضال حتى الموت للأديبة سميا دكالي

 #نضال_حتى_الموت  🌄


استيقظ باسل باكرا  استعدادا للالتحاق بالجيش الذي سيخوض معركة ضد العدو ، حرب لا يعرف كيف ستكون نهايتها، حاول أن يلملم أغراضه دون أن يحدث صوتا، فزوجته بالكاد نامت من الوجع الذي يزورها أحيانا، لم يتبق لها كثيرا لتضع أول مولود  لها ، لأجل ذلك فضل زوجها أن لايوقظها رحمة بها ، وهو في تلك الحالة استوقفه قول أحد المفكرين : " إن الحرب هي قانون الطبيعة الأول، وإن السلم هو الاستثناء" ،  فالإنسان منذ أن وجد على البسيطة ما انفك يتفنن في صنع أشكال السلاح إلى يومنا هذا لا لشيء سوى للفتك بأخيه  طمعا فيما ليس من حقه.

لقد زاد من عزيمته أنه ما اختار الحرب لسلب حق ليس له ، بل لاسترجاعه من مغتصب ، هذا ما جعله يجازف بحياته ويترك زوجته التي ربما قد يخترق صوت ابنهما القادم جدران الغرفة حالما يخرج من بيته.

أخذ قلما وورقة ليخط لزوجته رسالة قبل أن يغادر البيت، خانته يده قبل أن يكتب لها كل ما يعتلج قلبه من ألم الفراق ووحشة المجهول ، إلا أنه استجمع قواه وبيد مرتعشة شرع في كتابة رسالة قرر أن يوصيها فيها بابنهما القادم على أن يناضل هو حتى الموت من أجل الحق مهما كلفه الأمر.

ضمت رسالته هذه الكلمات :

" إلى حبيبتي هند .

ما أحببت أن أوقظك من نومك حتى لايستيقظ ابننا معك ، أكيد هو الآن نائم مرتاح البال، مازال لم يخرج بعد إلى هذا العالم ليرى ما يحدث فيه، وصيتي إليك إذا استشهدت  أن تخبريه أن أباه قد أحبه قبل أن يراه وأنه ما ذهب للمعركة سوى ليعيد له حقه حتى يحيا في سلام وهدوء، وأيضا لا تنسي أن تغرسي في قلب ابننا حب بلده وأن لا يفرط في حقه بل أن يناضل لأجله حتى الموت. أما إذا بقيت على قيد الحياة فرجائي أن ننتصر للحق ولاشيء غيره ، فلا حياة كريمة وأنت ترى حقك ينعم به غيرك لتظل مكتوف اليدين لا حرية لك ،

ربما لن تكون فقط آخر رسالة أخطها لك بل آخر نبض ينطق بها أحرف اسمك " .

 

طوى الرسالة ووضعها على المنضدة، حمل أغراضه بعد أن ألقى آخر نظرة على زوجته ثم غادر البيت إلى مصير لايعرف ما يخبئه له القدر فيه.

هناك في ساحة المعركة نشب قتال ضار على حين غرة، قتل فيه العديد من زملائه، كان كمينا مفاجئا دام وقتا طويلا، لم تكن لديه من الذخيرة مايكفي، بدأت بالنفاذ ورصاص العدو لم يتوقف، يعلم الآن أنه سيلتحق بالشهداء الذين ملأت جثتهم ساحة الوغى ، كان باسل  لايخاف من الموت مادام قد عاش حياته كلها نضال ، و كيف سيخافه الآن؟ وهو لن يسلبه سوى جسده الذي سيقى هنا أما روحه فستسمو إلى حيث النقاء والطهر .

مد باسل يده إلى آخر رصاصة ليصوب بندقيته نحو عدوه، لكنه لم يستطع تسديدها  وقد سبقته رصاصة لتخترق جسده ويسقط أرضا شهيدا .

في تلك اللحظة خرجت روحه من جسده وصعدت فوقا مرفرفة بجناحيها على سرير زوجته لتشهد مجيء ابنه وهو يخرج من رحم أمه إلى الحياة ، كما سمع صراخه، هي روحه جاءت لتحضر ميلاده وتوصيه بأن يكمل الرسالة .... نضال حتى الموت .


     #سميا_دكالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق