#الإنسَانِيّةُ ...
بقلم الشاعر فريد المصباحي
همسَ الصُّبحُ
في أذنِها مُعلِناً
عن " يومٍ سعيدٍ "
تَدحْرجتْ من سريرِ
الطفولةِ
وقعتْ على رصيفِ الحياةِ
اِبتسمتْ
رَسمتْ قلباً
على دفتَرِ الأيامِ
وكتَبتْ " ستُشرقُ
شمسِي
وتُزهرُ أيّامِي "
ركِبتْ زورَقَ الأملِ
فٱتّجَهتْ نحوَ
مَركزِ السّعادةِ
تلقّفتْها الأيَادي
يدٌ تـَدفَعُ
يَدٌ تَمــنَعُ
يَدٌ تقــمَعُ
يَدٌ تَشــنَعُ
يَدٌ تَجــمعُ
وقعتْ تَحتَ أحذِيّةِ الأنَا
ضَغطتْ على وجْنتَيْها حتّى
سالَ الدّمُ من مُقلتَيْها
بدِرهمٍ بَاعُوها
بدِينَارٍ شَرَوْها
على جُذوعِ
المَوجِ نَحَتُوها
كتَبواْ إسمَها
في آخِرِ لائِحةِ
المنْبوذِينَ
وعلى خَصرِها
كتَبُواْ :
" سَفيرَةُ السّلامِ والطُّفولةِ للبَيعِ "
من أرَادَ أن يَشتَريَ ، يَدفَعُ
بِ " بَلاَشْ "
الإنسَانيّةُ بِ " بَلاشْ "
ثَمنُ حُرّيتِها
دمٌ تَدفَعُهُ
لخَفافِيشِ اللّيلِ
والنّهارِ
الأسودُ والأبيضُ
يليقُ بكِ
سَيّدَتي
كَم هُو قاسٍ
أنْ تَقُومَ
مِن سَريرِ الحياةِ
لتَقعَ في دهاليزِ
زَنَازِنِ المُتسَكّعينَ
الطّالبِينَ رَغِيفَ
الآهـــاتِ
والضّيَاعِ
واليـــأسِ
والحِرمانِ
في سُوقِ الخُردةِ
تُباعُ الأعضاءُ البشَريّةُ
يدٌ من تُــــرابٍ
قدمٌ مِن حديدٍ
عَينٌ من زجاجٍ
وجهٌ بلا ٱبتسامةٍ
بُندُقيّةُ صيْدٍ صَدِئةٍ
مُقابلَ خَصرٍ مُتهالِكٍ
تَمتَصُّهُ عيونُ
العابِرينَ
شيوخٌ
شبـابٌ
أطفـالٌ
ونسـاءٌ
تَجاوَزَهُنّ الزّمَنُ
فنَبذهُنّ نحو الهُراءِ
على رصيفِ المَدينةِ يَقبَعَنَ
وُلِدنَ في التّعاسةِ
يَفترِشْنَ كلابَ
اللّيلِ تَنهَشُهُنّ
عقاربُ السّاعةِ ،
على الضفّةِ الأخرَى
مُتشرّدُون من زمَنِ اللاّشيءِ
يَمتَطُونَ دَوابَّ
القصَبِ بِلِجامِ الفَقرِ والضياعِ
يَتَجَوّلُونَ في أقبِيّةِ الحِرمَانِ
بِناياتٌ من إسمَنتٍ
تُخسَفُ ، تَرقُصُ
على نَغمَاتِ العِنبِ
المَسكوبِ في كُؤوسِ
الحَيارَى
والجَواري يُعانِقنَ
السّماءَ ، ليَقعْنَ
على شَواطِىءَ مِن حَريرٍ
تَشتَمُّ مِن أفوَاهِهنّ رائحَةُ
عَوالمَ الجَحيمِ
المُتعَفِّنِ ،
بينَ ثَنايَا وشَظايَا
الأيامِ الغَارِقَة
في أوحَالِ اللاّمُبالاةِ
تَسقطُ الأقنِعةُ
لتُفرِزَ أجناساً مِن
أُناسٍ مِن حديدٍ
تَكشِفُ عن وجُــوهٍ
بلاَ ٱبتِسامةٍ
بلا حَـــــياءٍ
بِــــلا أفئِدةٍ
بِلا كرامــــةٍ
بِلا مَــبادِىءَ
بِلا رَحـــــمَةٍ ...
بقلمي : فريد المصباحي/ المغرب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق