الأحد، 29 مايو 2022

فارق في التوقيت للشاعر الحسين صبري

 فارق  في التوقيت

بقلم الشاعر الحسين صبري 

عند بائع الورد لم أجد وردةً واحدة، كان الصباح جميل أتى من بعد حلم كثرت فيه الأحضان وجارة القمر تطرب مسامعي، دخلت للمحل الثاني فلا ورود عنده وكأن العشاق في هذا الصباح استيقظوا باكراً،  أخبرت البائع هل نفدت الورود فأنا أريد وردة واحدة لا أكثر ولتكن حمراء أخبرني بأن الورد لم يعد ينبت عندنا ولم نعد نجده ونصحني أن أخد وردة صناعية بعد أن وضع عليها عطر وقال هذه الرشة مجانية ولم يأخد مني درهماً واحداً.....


لم تفح الوردة عطرا وانما فاح عبق قهوة وهذا وقتها وعند المقهى لا أعرف أؤلئك على ماذا يفطرون وأنا في إنتظار قهوتي والصمت رفيقي حتى بدأ ذاك الثرثار بالحديث ولم يسكت وكأنه ظل ساكتا مائة عام وبمجرد أن سنحت له الفرصة حتى صار يتكلم ولم يسكت ودخل في أمور الدين حتى صَارَ هَرْطوقِيّاً

لا ورد في مدينتي وقهوةً مُرّة ورجل يتحدث الهرطقة وما يجعلني أقاوم هذا الصباح الذي كان جميلاً هو موعد مع حبيبتي، مَـرَّ الوقت بطيئاً حتى أتت تجر ورائها وشاح من العطر يكاد أن يرى بالعين،  جلسنا على مقعد من الأسمنت ونظرت لها وفي عيناي مائة سؤال أعطيتها الوردة  أومأت برأسها علامة الشكر ولكن لم تحمر وجنتاها ولا ملامح خجل على وجهها المملؤ بالمساحيق والظلال وكأنها وضعت مكياجها في الضلام، وضعت الوردة على كتاب كان في يدها قرأت عنوانه (جوهر الانسان) وقالت حينما أرجع إلى البيت سأضعها في كوب ماء 

تلاشت واختفت كل الأسئلة التى كانت تدور في ذهني وخرج سؤال وفرض نفسه عَنْوةً لما أنا أحببتها، وهي بجانبي ويكاد كتفي يلمس كتفها بل في بعض الحركات إنْسدلَ شّعْرُها على كتفي لم أهتم ولم أسْمع منها شيئا سِوَى الثرثرة ويأتيني صوتها كطنين نحل ....

والأفكار تعود  بفكري إلى البارِحة وإلى ذاك الحلم الجميل حتى اتضحت لي بعض الصور فلم يكن الحلم معها فلم تكن هي في أحلامي

وبعد حديثها المطول الذي لم افهم منه شيئا ودعتني وذهبت وقبل أن تذهب شكرتني على الوردة وقالت بصوت أجَـشّ غليظ سأضعها في كتابي وقالت احبك ورحلت، عندما قالت أحبك كمن صفعني كفاً هذا ما شعرت به صرتُ أراها كأي شخص عادي لا شعور تجاهها فكيف لي ذات يوم قلت لها بأني أحبك وهو لم يكن حباً على الاطلاق .......

هنا بالتحديد أقف عن إكمال هذه القصة أو الخاطرة فلا يهم اسمها، فالسبب ،رن هاتفي بجَرْس جَهْوريّ مزعج  حتى أجد صديق لي يبكي بكل الم وحرقة ودم قال لقد سقط ابني من على الدرج وانتقل إلى رحمة الله. 

ذاك الطفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات سقط من إرتفاع شاهق وبينما كنت أنا أبحث عن الورد كان هو يبحث عن دماً لأبنه، ذاك الطفل اختاره الله ليكون ملاك فالحب ملاك  ايضاً وانا ملاك الحب عندي اختاره الله كذلك 

وهنا ايضا ترحل كل التساؤلات ليبقى سؤال واحد كيف يتركون طفلاً يصعد درج لوحده وسؤال اخر هل هناك مشاعر تخدع صاحبها رغم أن المشاعر من وسط عمق صاحبها أم اننا نتغير ولا نهتم بالتفاصيل الصغيرة منذ البداية.......

#الحسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق