الجمعة، 29 يوليو 2022

هجرة المصطفى للشاعر أبو عمر

 هجرة المصطفى

**************

أتى أمر الله لمن حباه

بخير رسالة

وختام رسالات السماء

أن يهجر مكة

والقصد يثرب وبها المقام

خرج النبي و ببابه

صناديد الضلال غفو

يحثو التراب على رؤوسهم

و هم في غفلة ومنام

و قد افتداه

أبو الحسنين بنفسه

لما على فراشه قد نام

وقف النبي

يودع مكة

ما خرجتُ منكِ برغبتي

بل أخرجوني أهلكِ

بكثرة الآلام

سأعود إليكِ تأكدي

إن شاء ربي

في قادم الأعوام

رحل النبي بصحبة الصدّيق

رجل عجزت نساء الأرض

أن يلدن مثله

صاحباً بين الأنام

على اليمين يمشي تارة

وإلى اليسار يهفو مسرعاً

كالفارس المقدام

ثم يمشي متخلفاً

وتراه بعد ذلك في الأمام

كمن يحيط بقلبه

خوفاً عليه من السهام

عجب الرسول لفعله متسائلاً

يا أبا بكر

ما عهدتك تفعل هكذا

يوماً من الأيام

خوفاً عليك رسول الله

أفعل ما ترى

جاء اليقين من النبي مطمئناً

كالبرد يحدوه السلام

ما ظنك باثنين يا أبا بكر

الله ثالثهما

فسرت في روحه السكنى

وتلاشت الأوهام

وفي غار ثور

كانت محطة الإعجاز

نسج العنكبوت شباكه

وباض على الباب الحمام

تحيّر الكفار و اذهلوا

عندما وصلت لبابه الآثار

نضبت فراستهم

و انتابهم إفحام

و تجددت مخاوف الصدّيق

سيروننا يا رسول الله 

إن نظروا لمواضع الأقدام

عاد الرسول مطمئناً خير الصحاب

لا تحزن إنّ الله معنا

فلن نخزى أو نضام

و في الخفاء تزورهم

ذات النطاقين أسماء

تسوق من القوم

أخباراً لهم

وعلى عاتقها الطعام

و إن غادرت من عندهم

مسحت أثارها الأغنام

صوب المدينة

سار الركب مرتحلاً

فلاح خلفهما فارس

كالريح يطوي الفلاة

عندما لمح طيفهما

وتأكد أنه عثر على المرام

تعثرت قوائم خيله

وغاصت في الرمال

للخلف تجري

ونحو الرسول يقودها الإحجام

و إن دنت مرة أخرى

تلتهم قوائمها الرمال

عندها قال الرسول الكريم

سيد الإلهام

عد يا سراقة

ولك سواري كسرى

وعد والتزام

وعلى الطريق في الصحراء

حطت رحالهما

في خيمة أم معبد

أوهى الخيام

طلباً للزاد وللقِرى

فالجوع كاد يفتك بالقوى

و حتى الكلام

فشكت أم معبد

شاتها العجفاء

لعدم قيامها بواجب الإكرام

مسح النبي

ضرع الشاة مبسملاً

فتدفقت ألبانها كالسيل

تملأ الجام تلو الجام

ضرب الذهول

مدارك أم معبد

عندما رأت صنع النبي

و في وجهه الإشراق

أقسمت أنه عند الإله من الكرام

وصل النبي مشارف يثرب

فرآى أهلها تقدم الأنوار

تدنو إليهم

وينهار الظلام

فراح الجمع منشداً فرحاً

(طلع البدر علينا من ثنيات الوداع)

وعمّت الأفراح يثرب كلها

إلا ا ل ي ه و د أبناء اللئام

وأهل المدينة كلهم كانوا

في تنافس و زحام

ودوا النبي في ضيافتهم

فترك النبي للقصواء ما تختار

بيت أبي أيوب كان خيارها

ليكون لهجرته الختام

و سطعت أنوار النبوة كالبرق

تملأ الدنيا

وتكتسح الجهات

بخاتم الأنبياء محمد

و بالتوحيد والإسلام

صلّى عليك الله

يا شمس الهدى

ما اهتزت الأيك بالأنسام

وسهت عيون

وصحت من غفوها أحلام


بقلمي أبو عمر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق