الأربعاء، 3 أغسطس 2022

محنة عانس للشاعر سعيد تايه

 محْنـــةُ …"عَـانِــسٍ

شعـر : سعيد تـايه ( البحــر الكـامل ) الريـاض في 11/2/2014 م

( هذه القصيدة كتبتها عندما روى لي أحد الأصحاب قصة تلك الفتاة وكانت على جانب عظيم من الجمال والعلم والثقافة ، كان الخُطَّاب يأتونها زرافات ووحدانا لما عرف عنها من الجمال وحسن الخلق ، ولكن أباها كان يصد كل طارق باب طمعا في راتب ابنته ربما لضيق الحال أو لسبب آخر ، الله أعلم ، فضاقت الدنيا في عينيها وهي تراها تتسرب من أمامها بدون وجود بصيص أمل لها في الحياة الزوجية التي هي مطلب كل فتاة أو امرأة في هذا الوجود حسب شرع الله ، ولكن جرت الرياح بما لا يَشْتَهِـي السَّفِـنُ او ( بما لا تَشْتَهِي السُّفُـنُ )  فأثَّرتْ فِـيَّ هـذه القصَّةُ أيَّمَـا تَـأْثير فصغتها شعرا لتكون شاهدا على قسوة الآباء في حق ابنائهم أحيانا.

فقلت بلسانها :

سَـأكُـونُ أَوَّلَ مَـنْ يَبُـوحُ بِقِّصَّتـي

وَأَقُصُّ شَيْئَـاً مِـنْ مَـواجِـعِ مِحْنَتِي

أَنَا لَوْ عَـرَفْتُمْ مَا يَقُـضُّ مَضَاجعِـي

لَرَثَيْـتمُ حَـاِلِـي لِـهَوْلِ مُصِيبًـِتِـي

ضلَّتْ خُطَـايَ عَلى دُرُوبِ شَوَاِطِـئي

وَتَحَطَّمـتْ فـي العَـاتِيَـاتِ سَفِيًنًـتي

كُـلُّ النَّـوَازِلِ قَدْ يُصَـارُ لِحَـلِّهَا

إِلاَّ اَّلَّتـي تَجْثُــــو عَلَـيَّ بِغُـمَّــةِ

فـأَنَـا الَّتِي عَاشـتْ فَرَاغَ عَواطِـفٍ

وَرَغَـائِـبٍ وَمَشَـاعِرٍ مِـنْ كُـرْبَتِـي

فـذَبُلْـتُ مِثْـلَ الأُقْحُوَانَــةِ جَفَّفَـتْ

أ َوْرَاقَـَهَا لَفَحَـاتُ قَيْــٍظٍ مُصْلَـتِ

كَـانَ الرَّبِيـعُ وَكُنْتُ مِثْـلَ فَرَاشَـةٍ

تَتَخَـيَّرُ الأَزْهَــاَرَ مِنْـهُ بِرِقَّـــةِ

فَصَنعْتُ مِنْ هُـدْبِ الزُّهُـوِرِ لَفَائِفَـاً

وَجَدَلْتُ مِنْ حَقْـلِي ذَوَائِبَ هَـاَمَـتي

قدْ كُنـتُ أَحلُـمُ بالحَيَـاةِ وَطِيبِـها

وأَرْسُـمُ أَحـلامَـاً وأَجْمَـَلَ لَوْحَــةِ

وأَعِيـشُ في دُنْيَـا الأَمـانِي عيِشـةً

رَغْـدَاً أُغذِّيـَهَا بعُمـقِ صَبـابَتِـي

لكِنَّمَـا الدُّنْيَــا الغَـرُورةُ إِنَّـَهَا

تَـأْبَـى وَتَسْـلُبُنَــا أَلَــذَّ معيشـةِ

ذَهَبَ الرَّبِيـعُ وَلَمْ يَعُـدْ لِسَـنابِلِي

رِيٌّ وَقدْ جَفـتْ عُـرُوقُ نَضـارَتِـي

ذَهـبَ الرَّبيـعُ بِكُلِّ حُلْـمٍ دَافـيءٍ

وَأَتَـى الخَرِيـفُ يُظِـلُّ كُلَّ كَـآبَتي

بُـدِّلْتُ بالتَّغْـرِيدِ نَـوْحَ حَمَـامَـةٍ

وَبِـرِقَّـةِ الأَنْسَـاِمِ لَفْــحَ حَـــــرَارَةِ

لَكَمِ انْتَعَشـُتُ مِنَ الوُرُودِ وَعِطْرِهَا

وَالْيَـوْمَ أَحسَـبُهَا سُـمُومَ السَّـاعَـةِ

وَأَعِيـشُ في بَيْتِـي مَعِيـشَةَ نَـادِبٍ

فَقَـدَ الأَحِبَّــةَ نَـائِيَــاً وَبِغُـربَـةِ

وأَنَـا أَمُـوتُ بِكُـلِّ يَـوْمٍ مِيتَـةً

مِـنْ فَـرْطِ آلامِـِي وَبَـالِـغِ حَسْرَتِي

أَعَرَقْتُـُمُ مَـا قِصَّــتي وَمَتَـاِعِبـي

وَحَـزَرْتُـمُ أسْـرارَ كُـلِّ تعَـاَسَـتي

أَنَـا "عَـانِسٌ" فَقَدَتْ قِطَارَ زَواجِـَهَا

رمْـزَ الحَيَـاةِ وَرمْـزَ كُـلِّ أمُـومَـةِ

أَنَـا"عَـانِسٌ" يـا وَيْحَهَا مِنْ لَفْظَـةٍ

ضَاقَتْ بِـَهَا نَفْسِي وَغَـاضَـتْ دَمعَـتي

أَأَنَـا المُـلاَمُ وَقَـدْ حَظِيـتُ بِفِتْنَـةٍ

مَشْـفُوعـةٍ بِشَــهَادةٍ وَرَجَـاحَــةِ

دَلٌّ صَفَــاءٌ رَائِــقٌ وَمَحَـاسِـنٌ

مَمْـزُوجَـةٌ بِعِـذُوبَــةٍ وَنَقَـــاوَةِ

مَـاذَا أَقُـولُ وَمَـنْ أَلُـومُ وَإِنَّـنِي

لأَرَى المُـلاَمَ بِـهَا لأَقْـرَبَ قُـرْبَـتِي

هذَا أَبِـِي رَفَضَ الوَفَـاءَ بِحـاجَتِـي

طَمَعَـاً بِمَـالٍ مِـنْ نِتَــاجِ وَظِيـفَتِي

صَـدَّ الجَمِيعَ وَكُلَّ صَـوْتٍ رَافِـضَاً

مَـنْ شـاقَني دَوْمَـاً وَجَـاَءَ لِخِطْـبَتِي

وأدَ الرَّغَـائِبَ في دَمِـي مُتَجــبِّراً

فَحُرِمْتُ مِنْ طَعْمِ الـهنَـا وَامُـومَـتِي

أَوَمَـا خُلِقْتُ لأسْتَجِيـبَ لِفِطْـرَتِي

وَأكُـونَ أُمـًاً مِثْـلَ سـائِـرِ رِفْقَتِي

هذِي الرَّواتِبُ شَـاهِدٌ فـي مِحْـنَتِي

وَمُتَـرْجِـمٌ لِنَـوَائِبـِـِي وَعُنُـوَسَـتي

وَمَضَى القِطَارُ وَلمْ أَزَلْ مَشْـدُوهَـةً

فَـوْقَ الرَّصِيفِ وَقَدْ حَزَمْـتُ حَقِيبَتِـي

مـازِلْتُ أَحلُـمُ فـي رُؤَايَ بِعَـالَمٍ

يَـزْدَاُنُ بـالأَطْفَـالِ رَمْـزَ بَــرَاءَ ةِ

وَأَجِـيءُ طِفْلِـي بَيْنَهُـمْ وَأَضُمُّـهُ

فَيَقُولُ لي"مَـامَـا" بِأَعْـذَبِ لَهْجَــةِ

فَيَصِـيُرُ لي إِبنٌ يُـؤانِـسُ وحْـدَتي

وَيُزيِـلُ عـني فـي الأواخِـر وَحْشَـتي

أَيَكَوُنُ لِي أَمَـلٌ وَقَدْ وَلَّـى الصِّـبا

وَغَـزَا المَشِيبُ سَـوَادَ كَامِلَ لِّمَّــتي

عَـهدُ الصِّبَـا وَلَّى كَـأَنَّ سِنِيـنَهُ

طَيْـٌفٌ مِنَ الأَحْـلامِ سَـاعَةَ وَلــتِ

وَنَصِيحَتِي أسْـدِي بِـَهَا لِصَواِحِـبي

رَدُّ الخَطِيـبِ أَرَى أَخَـسُّ حَمَـاقَــةِ

وَتَـوَهُّمُ الآمَـاِلِ لَيْـسَ بِنَـافِـعٍ

وَصِنَاعَةُ الأَحْـلاَمِ مَحْـضُ خَدِيـعَـةِ

فَحَيـاتُنَـا مِـنْ دُونِ زَوجٍ آفَــةٌ

وَسَـعَادَةٌ بـالْوَهْـِمِ مَحْـضُ خُرَافَـةِ

شعـر : سعـيـد تــايــه

عمان _ الأردن

3/8/2022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق