إلى مغترب
محمد أبورزق
غيابك أنهك القلب يا ولدي
جفف دمع العين وأحرق كبدي
وكنتُ قبلُ صبورا للأهوال جليدا
لم يعد لي صبر ووهى جَلَدي
وكنت بك قرير العين سعيدا
بدّد الفراق فرحي وزاد كَمدي
ربّيتك طفلا صغيرا ورعيتك وليدا
أرى فيك الماضي وأرجو فيك غدي
وحملتك بين أذرعي عمرا مديدا
أرى أنك عكازة عجزي وسندي
ومنذ أن أصبحتَ عن عيني بعيدا
تفطّر القلب أسى وذبل جسدي
أسائل غروب الشمس أما رأيت شاردا
طواه الرحيل وأسلمني لهمّي وتشرّدي
أناشد الليل متوسلا أما لمحت بعيدا
غريبَ الدار وحشتُه تؤرق مرقدي
أناجي البحر وأنفاسي تتقطع تنهدا
وبيني وبينك أمواجه وأمواج تنهدي
أسائل سرب الطير وقد حلّ عائدا
هل عاد طائري أم أخلف موعدي
كل الطيور تروح اليوم وترجع غدا
وعصفوري وحده يروح ولا يغتدي
أسائل الريح أما حمل لك مني بريدا
لو يُجدي عن الشوق لهفتي وبريدي
قد شبتُ قبل الأوان وأمسيتُ حصيدا
والروح تحطمت فما يغني حصيدي
أبيتُ متوجعا والسرير تحتي متوقدا
زفير أنفاسي يكاد يحرق موقدي
أيها الصادر أما لك من الغيبة ورودا
لو ترد حمانا يجري الدم في وريدي
يا شوقَ يعقوبَ ويوسفُ عنه مبعدا
ابيضّت عيناه حزنا ردّوا عليّ وحيدي
قد صارت الحياة بعدك عيشا نكدا
فاشفق من حالي ولا تزد في تنكيدي
عد يا بني قبل أن أصبح راحلا فقيدا
وتفقدني كما أنت ساعتها فقيدي
عد يا بني فالعمر ماض ليس مخلّدا
نسيتَ وقسوتَ بما لم يكن في خَلدي
ستدرك الأمر بُنيّ حين تصبح والدا
وتعرف معنى حرقة الكبد يا ولدي
26 / 08 / 2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق