الأحد، 2 أكتوبر 2022

خاتم الزواج للأديبة فاديا الصالح

 خاتم الزواج 

بقلم الأديبة فاديا الصالح

تتلمس يداها الرقيقة خاتم الزواج .. و تسحبه برفق من إصبعها المورق به على مدار عقود مضت .. ازدهت فيه روحها و عانقت اخضرار نيسان ..أيام ثقال مرت كجبال لكن يقينها  أنها ستمر و مرت بسلامة ..هكذا يهرول قطار العمر مسرعا في أزقة الساعات و الدقائق .. محطات فيها من لهيب تموز و أخرى فيها من عواصف كانون و أخرى من نبض نيسان شهر النور و الضياء .. تعاقب للنهار و الليل ..للعتمة و الفرح ..


 تتوجه اليوم إلى الصائغ لتسحب برفق خاتم الزواج من إصبعها الذي شهد كل مامرت به من غضب و حب و ثورة وسكون .....طوال دربها المقفر ..الغني بالزفرات و الدموع وهي تنظر إليه في إصبعها .. و كأنها تودعه.. وتودع عمرا مضى .. و تودع صاحبه الغائب بين طيات الثرى .. رفيق دربها الطويل الحافل .. وهي تقول في ذاتها صبرا ..صبرا ..

و تكمل : أ لم تعلم يا رفيقي أن ابنتنا (روز) قد أصبحت جامعية .. و دخلت كلية الهندسة المدنية .. وهي بحاجة إلى ثمن هذا الخاتم الآن . . لا أعرف كيف أواري قامتي عن خيالك الغائب بعيدا ؟

و لا أعرف كيف أتصرف بعد أن فقدت كل الحيل ؟

أعرف أنه آخر رابط ملموس مقدس جمعنا سوية .. و لا أخفيك أنه آخر ما تبقى لي منك ..لكن الحقيقة مؤلمة ....

تسحب تنهيدة طويلة .. تتبعها زفرات حارة  تبتلعها روحها ..

لتقف أمام الصائغ .. أحست أنها تخون زوجها .. و تخون عهوده و مواثيقه ..تواجه جيوشا من الأحزان .. تأكل معصمها و بنانها ..

تبيع عمرا كان حافلا بالمسرات و التضحيات و الأزمات .. احتوى كثيرا من الحلاوة و الكثير الكثير من المرارة ...

كيف ستواجه ذاتها في ساعة ما ؟

كيف ستقف أمام مرآة الذكريات  ؟

و كيف ستتلمس يداها إصبعها إن أمسى خاليا  ؟

ذاك الخاتم الذي لم يغادرها البتة ..

و كيف  ستلتقي بنفسها دون عذاب أو شعور بالمرارة ؟

فاديا الصالح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق