الخميس، 1 ديسمبر 2022

الفكر المبتور للأديب الحسبن صبري

 الفكر المبتور

بقلم الأديب الحسين صبري

أحضرت من محل الخضار الذي يقع على ناصية الطريق، ذاك المحل الذي يَبيع في أشياء غريبة وكلما رأيتها ووقعَ نظري عليها تبقي عين مدهوشة وتبقي الاخرى مندهشة، وحين سؤالي عنها يضحك البائع ويقول ألآ تعرفها فهي موجودة في بعض المحال ومنذ عشر عجاف، إبتسمت كالعادة إبتسامة (أبله) وعدت إلى البيت ببعض من الطماطم وحبات بصل وكم قطعة من الخيار ولدي في البيت زيت زيتون لذيذ جداً يكادُ يُضيء ولو لمْ تَمسسهُ نار كان قد أعطاه لي جارنا العزيز من إنتاج أشجاره لهذا العام فالبرغم من قلة الأمطار كان الموسم(خصِب وغزير)، ومن ما تبفى في علبة الدقيق التى أحضرتها جارتنا (سُعاد) صنعتُ خبزاً ومن تلك الخضروات التى أحضرتها صنعت صلطة ولأني سأكل مع أطفالي الثلاث لم أضع الفلفل الأخضر الحار، فرشنا الأرض بحصير وجلسنا للغذاء الذي يعبق برائحة طازجة وكأننا في معصرة زيتون أو في مزرعة فُلان بل كأننا في روض وجنان، وضحكة الأطفال كالعيد، ولأن الصلطة لا تؤكل بالشوكة و(المُوسْ) فعدلت من وضعيت الجلوس  ولأني جائع جداً سأكل بشراهة وبنهم شديد، وإذ بهاتفي يرن والمتصل يعيد ويعيد ويعيد فركض طفلي سعيد وأحضره فوراً ليخبرني صديق بأن (عبد المجيد) قد قتل بعيار ناري،  آهٍ  آه

وقع مني الهاتف وانقسم نصفين وانفطر قلبي وانشطرت كبدي ودمعت عيني وبكيت بكاءً شديد، اضربت عن الطعام وصمت لشهور عن الكلام ورحل عبد المجيد ومن قبله عبد السلام ومن بعده خالد وزوجته وئام ولحق بهم احمد ومقدام ورائحة الدماء في كل مكان

يقولون هناك نعمة إسمها النسيان، فكيف لنا أن ننسى أم اننا نتناسى ونكذب على أنفسنا 

فكل الذين قتلوا في عمر الزهور ولأني كثير الشعور والفكر مبتور تدهورت حالتي وأصابني الجـنـون 

مرت الأيام كسلحفاة عرجاء والحياة لم تعد حياة، وكلما ذهبتُ لمحل الخضار أجد الجميع يضحك وبِإستمرار وكأنهم نسوا كل الذي صار، أتعجب وأبكي في داخلي وأرسم إبتسامة مزورة حتى لا أنهار وأعود إلى البيت وأبكي لوحدي في زاوية حجرتي حتى لا يراني أطفالي الصغار......

#الحسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق