الدّب العبوس
بقلم الشاعرة أمينة المتوكي
دبّ صغير ناح و بكى
ضيق الحال و الغم اشتكى
بصوت متهدّج قد حكى
أن الدنيا تحبك له شبكا
و أنه المنكود من بين الأنام
ليله سهاد و نهاره ظلام
قلبه الطيب ليس على ما يرام
بينه و بين الحظ غاب الوئام
لما الملل عليه استولى
قصد المروج للقيام بجولة
صعد ربوة و من الأعلى
لمح أرانب تقفز و تتسلى
غبطها و قال يا لحظها الوافر
بهية و الفرح عليها ظاهر
المرعى أخضر و البستان زاهر
ليتني على التحول لأرنب قادر
ما إن كشف عن أمنيته النقاب
حتى تحول لأرنب بهي جذاب
لعب قفز و تدحرج على الأعشاب
دعته الأرانب لجحرها فلقي الترحاب
لما جلس و اتّخذ بينهم مكانا
ألفى الأرنب الأب تعبانا
محموما يئن و يهذي هذيانا
و الأرانب حوله كئيبة حزنانة
استفسر عن حاله الأم المسكينة
أجابت بعيون دامعة حزينة
ألّم به داء أفقده السكينة
و نحن على هذه الحال سنين
رقّ قلب الدب و انسحب كئيبا
بعد أن تمنى للأب شفاء قريبا
في طريقه صادف قردة نجيبة
سلّته بحركاتها العجيبة
غبطها و تمنى لو قردا صار
في رمشة عين كان له ما اختار
لعب مرح و تسلق الأشجار
حتى تفاجأ بنشوب شجار
بدأ تراشق الشتائم و الحجارة
استفسر عن سبب هذه الغارة
أجابته القردة بغصة و مرارة
ابتلينا بجيران يفقعون المرارة
تأسف الدب لحالهم و فرّ بعيدا
لاذ إلى شجرة و صدرت عنه تنهيدة
لمح سلحفاة فقال كم هي سعيدة
متريّثة و الدنيا في عينيها زهيدة
قبل أن يتمنى التحول لسلحفاة
شبّ حريق فسارع الكل للنجاة
عدا المسكينة كادت تفقد الحياة
بطيئة لم تقو على المجاراة
تذكرها الدب و ساعدها في الحال
فهم أن الدنيا لا تثبت على حال
الكل فيها ينعم و ينوء بالأحمال
فأقبل على الدنيا مرتاح البال
***بقلم أمينة المتوكي***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق