الاثنين، 20 مارس 2023

الدب العبوس للشاعرة أمينة المتوكي

 الدّب العبوس

بقلم الشاعرة أمينة المتوكي

دبّ صغير ناح و بكى

ضيق الحال و الغم اشتكى

بصوت متهدّج قد حكى 

أن الدنيا تحبك له شبكا

و أنه المنكود من بين الأنام 

ليله سهاد و نهاره ظلام

قلبه الطيب ليس على ما يرام

بينه و بين الحظ غاب الوئام

لما الملل عليه استولى

قصد المروج للقيام بجولة

صعد ربوة و من الأعلى

لمح أرانب تقفز و تتسلى

غبطها و قال يا لحظها الوافر

بهية و الفرح عليها ظاهر

المرعى أخضر و البستان زاهر

ليتني على التحول لأرنب قادر

ما إن كشف عن أمنيته النقاب

حتى تحول لأرنب بهي جذاب

لعب قفز و تدحرج على الأعشاب

دعته الأرانب لجحرها فلقي الترحاب

لما جلس و اتّخذ بينهم مكانا

ألفى الأرنب الأب تعبانا

محموما يئن و يهذي هذيانا

و الأرانب حوله كئيبة حزنانة

استفسر عن حاله الأم المسكينة

أجابت بعيون دامعة حزينة

ألّم به داء أفقده السكينة

و نحن على هذه الحال سنين

رقّ قلب الدب و انسحب كئيبا

بعد أن تمنى للأب شفاء قريبا

في طريقه صادف قردة نجيبة

سلّته بحركاتها العجيبة

غبطها و تمنى لو قردا صار

في رمشة عين كان له ما اختار

لعب مرح و تسلق الأشجار

حتى تفاجأ بنشوب شجار

بدأ تراشق الشتائم و الحجارة

استفسر عن سبب هذه الغارة

أجابته القردة بغصة و مرارة

ابتلينا بجيران يفقعون المرارة

تأسف الدب لحالهم و فرّ بعيدا

لاذ إلى شجرة و صدرت عنه تنهيدة

لمح سلحفاة فقال كم هي سعيدة

متريّثة و الدنيا في عينيها زهيدة

قبل أن يتمنى التحول لسلحفاة

شبّ حريق فسارع الكل للنجاة

عدا المسكينة كادت تفقد الحياة 

بطيئة لم تقو على المجاراة

تذكرها الدب و ساعدها في الحال

فهم أن الدنيا لا تثبت على حال

الكل فيها ينعم و ينوء بالأحمال

فأقبل على الدنيا مرتاح البال

***بقلم أمينة المتوكي***

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق