الاثنين، 6 مارس 2023

وداع الياسمين للشاعر محمد علي الشعار

 وداعُ الياسمين


لهُ ذِكرياتٌ في الفؤادِ تُجَمِّعُهْ


ونارٌ بصدرِ الراحلينَ تُضلِّعُهْ


ومِن ذا وذا طيفٌ يدورُ بخاطري 


بأعلى سماواتِ الحروفِ أسَبِّعُهْ


نُودِّعُ بعضاً خلفَ بعضٍ قوافلاً


ويبقى ورانا الحزنُ مَن سيُودِعُةْ؟ 


سأتركُ ظلاً واحداً تحتَ نخلتي 


يُشيِّعُ أُفْقاً في الغروبِ ويتبعُهْ 


وعندَ ٱلتقاءِ الظلِّ والدمعِ بي معاً


سيُدركُ نايُ الليلِ مِن أينَ مَنبعُهْ 


أنا نفرةٌ من مِحبَسينِ مَعرَّةً


وقافيةٌ في إصبعيهِ تُوَجِّعُهْ 


لقد مات نصفي في غيابِكَ آفلاً


فعُدْ أُنسَ حُلمٍ أنتَ وَحدَكَ مُبدِعُهْ  


تُحاصِرُني كلُّ الجهاتِ بوَحَشتي


ولي خيطُ دَمعٍ كي أفِرَّ أُشمِّعُهْ 


أنامُ على خدٍّ وأصحو بآخَرٍ


على كلِّ مَيلٍ طفلُ حزْنٍ أُرضِّعُهْ 


أما كنتَ لي زاداً وسُنبلَ مُهجةٍ


وعينيَ ترويهِ وقلبُكُ يزرعْهْ  ؟ 


سأنشرُ فوقَ الليلِ أشرعةَ الكرى


وألبَسُها أكفانَ نجمٍ تُرَصِّعُهْ 


أمِنْ أدبِ الأحبابِ تَركُكَ بِضعَةً


وحيداً على تلِّ الرمادِ وتُفْجِعُهْ


وخلّفتَ شخصاً ما ٱستراحَ بظلِّهِ


كرايةِ صارٍ بالرياحِ تُتَعْتِعُهْ 


تفحَّصْ بقلبي خُزعةً بِمُكبِّر 


يبنْ فوقَ جمرٍ أحمرِ اللونِ مَقطعُه 


سأرسِمُ نهراً فوقَ سطريَ فائضاً 


وأتركُ كأسي بالمرارةِ تكرعُهْ 


حبيبي أخي هارونَ رَوَّعني الأسى


ولو جبلاً فوقَ السحابِ يُصَدِّعُهْ 


حباكَ بياضُ الثلجِ طُهْرَ نوالِهِ


فظلْتَ بريّاتِ الغيومِ تُنصِّعُهْ 


نُرفْرفُ في هذي الحياةِ كطائرٍ 


بخيطٍ إلى كفِّ السماواتِ مَرْجِعُهْ 


وما طالَ عُمْرٌ فوقَ عُكّازةٍ الصَّدى


ستمضي بهِ نحوَ النهايةِ تصرَعُهْ


وتسقطُ بعدَ الموتِ أقنعةُ الهوى


فدنياهُ كانت في الحقيقةِ تخدَعهْ


فيا * مُنذرَ الأيامِ رٍفقاً بساعةٍ


تدورُ بنا عكسَ الزمانِ وتخلَعُهْ 


صبرْتُ كصَبْرِ الوردِ في شوكةِ الندى


وفي القلبِ شِريانٌ بعِطرِكَ أوْسِعُهْ 


سأَثني شُعاعَ النورِ فوقَ معاصِمي 


لأحملَ نعشاً في الفراقدِ مَوضِعُهْ 


سأَنتظرُ الأيامَ بعدَكَ عودةً 


وغايةُ أن أحيا غروبَكَ مَطلَعُهْ


إذا كنتُ تُصغي للحديثِ فقُلْ... نعمْ 


فهذي دموعي عندَ قبرِكَ تقرعُهْ 


محمد علي الشعار 


2/3/2023

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق