المقامة الشيطانية
بقلم الشاعر محمد مهداوي
وأنا غارق في حلمي الجميل، هائم في سراديب الفيافي كالشاعر الضليل، أكلم الأشجار وأتفسح بين العرعار والزنجبيل، رمقت جنيا أسود قاني، حياني بتحية الشياطين ثم دعاني، فتفاجأت للطلب، و هممت بالهرب.
قال لي:
-يا ابن العرب، ألستم أهل نشاط وطرب، مالي أراكم نأيتم عن سكة الغضب؟؟!! لِمَ تحولت سيوفكم إلى قصب، وامعتصماه !! لقد ضعتم وسط الصخب، و أصابكم داء الكلب، واحترق شرفكم وكرامتكم كما يحترق الحطب…
أنا الجني، صاحب الصولات والجولات، سأتتبع خطوكم حتى الممات، وسألقي بكم في غياهب الفلوات، أنا الذي منعت عنكم الجنان، وأغويت حواء وأبعدت عنها الأمان، سيحوا في الأرض تلتقطون قوتكم بسواعدكم، فبعدما كنتم تغدون خماصا وترجعون بطانا
أصبحتم للفاقة عنوانا، وفقد الإنسان إنسانيته ولم يعد إنسانا، وظهر الحق في شوارعكم عريانا…
لن أترككم تعيشون بسلام، ولن تتمتعوا أبدا بحياتكم يا معشر الأنام، ستبقون معذبين على الدوام، موزعين بين هواتفكم ومصائبهم، تفتقدون لغة السلم والسلام…
تجنستم بجنسيات المجوس، وسلطت عليكم الضرائب والمكوس، وما استوعبتم الدروس…
أنا الجني، أمير الفساد والمنكرات ، سأترككم تهيمون بين الجبال والخلوات، تائهين مشاة عراة، سأغادركم ما دمت قد وجدت بين ظهرانيكم أغرب الشياطين، تفوقتم علينا وهتكتم عرض كل القوانين، ولم تعودوا متمسكين بالحبل المتين…
أنا الجني …
سأعلن تقاعدي المريح، و سأطفئ نيراني وأستريح، ففيكم وجدت الأخ المليح، يميل حيث مالت الريح.
…جنودي بينكم تمنطقت بأفتك السلاح، ومستعدة لاستعمال أشد السيوف والرماح لتخريب ما تبقى لديكم من تفوق ونجاح…
سأعلنها مدوية، كلمة مستقيمة وليست ملتوية، وأنا في كامل قوايا العقلية:
إن شياطين الإنس تفوقوا على شياطين الجن بمسافات شمسية، وهذا أصل البلية، فإن لم يرحمكم خالقكم سحقناكم كما تسحق الحيوانات البرية دون أن نستعمل أسلحتنا الحربية…
بقلم محمد مهداوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق