رَغيفُ الشعر
ألا عودي فقدْ تعبَتْ جُهودي**وضاقَ العيشُ في وسَطِ القـرودِ
بكى الإبداعُ في وطني سنيناً***وسالَ الدّمعُ من فوْق الخُدودِ
وطلّقَتِ المـدارسُ كلّ نهْجٍ***يفكّرُ في الخـــلاصِ منَ القُـــيودِ
فعودي يا منارَ الفكرِ عودي***وجُودي بالحضارةِ في الوجـــودِ
أحبُّ السّيرَ نحْو الشّرقِ فجراً***وفوْق عَمامتي مــجْدُ الجُدودِ
////
أفتّشُ عنْ خَيالِكِ في خيالي***وأسألُ عنكِ منْ سَهروا اللّيالي
ذهبتِ ولمْ تعودي منذُ عهْدٍ***تكــــلّلَ بالرّفيعِ منَ الخـــصالِ
وكنتِ منَ العذارى في عُصورٍ***لكِ الشّـــعراءُ غنّوا بالجـــمالِ
رموْكِ بعُقْمِ فهْمكِ كانَ جهلاً***وسامُوكِ المـــهانةَ في الفـــعالِ
وأنت منَ البهاءِ أراكِ شمساً***أشعّتها استـقرّتْ في خيــــــالي
////
لساني لمْ يَعُدْ يجدُ الرّفيقا***وقد كره الرّكاكة والنّهـــــــــــيقا
وذهني طاله الإرهاق لمّا***أضاع الفـــــــــقه وافتـــقد الرّفيقا
تعثّر في التّعلّم من زمان***كأنّه في الكرى أضحــــــى غريقـا
وحوله في الورى أعجاز نخل***ولغو في الشّــفاه غدا نقـــيقا
فيا لغة العــــــــروبة أين أنت؟***فنحن اليوم أصبـحنا رقيـــقا
////
طغى التّدليسُ وانتشر البغاءُ***ومن رَحِم الغــــباءِ أتى الشّقاءُ
تعثّر كلّ ذي رأي وفــــــهم***وفي أحشائنا انتـــــــــحر الوفاءُ
نفـــــكّر في التّآمر كالأفاعي***وسمّ الغدر ليـــــــــس له دواءُ
تغوّلت السّياسة في بــــلادي***وثار الجنس فانتـــفض النّساءُ
وزغردت الرّذيلة في بيوت***بها الأخلاق طلّـــــــــقها الحياءُ
////
دعوني بالغباوة أستـــــــعينُ***فمثلي يستــعينُ ولا يـــــــعينُ
أقبّل في الرّؤوسِ مع الأيادي***لأنّي في الورى عبدٌ هجـــيــنُ
وصرتُ إذا أصابتني خــــطوبٌ***شعرت بأنّني بشـــــرٌ لعـــينُ
وما ذنبي سوى أنّى أصيلٌ***وأنّـــــي بالتّــــــــــلاعب لا أدينُ
ألا عودي إلى وطني فإنّي***بحرفك في المعارفِ أستـــــعينُ
////
طموحي بينكم أضحى أسيرا***وشعري عندكم أمـسى شعيرا
تريدون الرّعاع ولست منهم***لأنّي ما استطعت بأن أصــــيرا
رفضت المدح في نظمي انتهازا**وفي خلدي أحاول أن أطيرا
أفتّش في الحروف عن المعاني***وأرسم ما أراه لنا مصـــيرا
وأعلم أنّني عبد ضعيف***وعبد الله من ملك الضّــــــــــــميرا
///
رغيفُ الشّعر يُخْبزُ للعبادِ***ليدفع بالعــــــــــــقولِ إلى الرّشادِ
يغذّي الطّامحين إلى ارتقاء***بنظم تستجــــــــيب له الأيادي
ويسقي أنفسا بزلال مــــاء***قتــــــــــــشربه القرائح كالجيادِ
فتزهر حينها الأفـــــكار فقها***يداوي من أصـيب من العــبادِ
وإن نحن اعتبرنا الشّعر رجسا**سنغرق في الهراء وفي الفسادِ
محمد الدبلي الفاطمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق