الخميس، 4 مايو 2023

رغيف الشعر للشاعر محد الدبلي الفاطمي

 رَغيفُ الشعر

ألا عودي فقدْ تعبَتْ جُهودي**وضاقَ العيشُ في وسَطِ القـرودِ

بكى الإبداعُ في وطني سنيناً***وسالَ الدّمعُ من فوْق الخُدودِ

وطلّقَتِ المـدارسُ كلّ نهْجٍ***يفكّرُ في الخـــلاصِ منَ القُـــيودِ

فعودي يا منارَ الفكرِ عودي***وجُودي بالحضارةِ في الوجـــودِ

أحبُّ السّيرَ نحْو الشّرقِ فجراً***وفوْق عَمامتي مــجْدُ الجُدودِ

////

أفتّشُ عنْ خَيالِكِ في خيالي***وأسألُ عنكِ منْ سَهروا اللّيالي

ذهبتِ ولمْ تعودي منذُ عهْدٍ***تكــــلّلَ بالرّفيعِ منَ الخـــصالِ

وكنتِ منَ العذارى في عُصورٍ***لكِ الشّـــعراءُ غنّوا بالجـــمالِ

رموْكِ بعُقْمِ فهْمكِ كانَ جهلاً***وسامُوكِ المـــهانةَ في الفـــعالِ

وأنت منَ البهاءِ أراكِ شمساً***أشعّتها استـقرّتْ في خيــــــالي

////

لساني لمْ يَعُدْ يجدُ الرّفيقا***وقد كره الرّكاكة والنّهـــــــــــيقا

وذهني طاله الإرهاق لمّا***أضاع الفـــــــــقه وافتـــقد الرّفيقا

تعثّر في التّعلّم من زمان***كأنّه في الكرى أضحــــــى غريقـا

وحوله في الورى أعجاز نخل***ولغو في الشّــفاه غدا نقـــيقا

فيا لغة العــــــــروبة أين أنت؟***فنحن اليوم أصبـحنا رقيـــقا

////

طغى التّدليسُ وانتشر البغاءُ***ومن رَحِم الغــــباءِ أتى الشّقاءُ

تعثّر كلّ ذي رأي وفــــــهم***وفي أحشائنا انتـــــــــحر الوفاءُ

نفـــــكّر في التّآمر كالأفاعي***وسمّ الغدر ليـــــــــس له دواءُ

تغوّلت السّياسة في بــــلادي***وثار الجنس فانتـــفض النّساءُ

وزغردت الرّذيلة في بيوت***بها الأخلاق طلّـــــــــقها الحياءُ

////

دعوني بالغباوة أستـــــــعينُ***فمثلي يستــعينُ ولا يـــــــعينُ

أقبّل في الرّؤوسِ مع الأيادي***لأنّي في الورى عبدٌ هجـــيــنُ

وصرتُ إذا أصابتني خــــطوبٌ***شعرت بأنّني بشـــــرٌ لعـــينُ

وما ذنبي سوى أنّى أصيلٌ***وأنّـــــي بالتّــــــــــلاعب لا أدينُ

ألا عودي إلى وطني فإنّي***بحرفك في المعارفِ أستـــــعينُ

////

طموحي بينكم أضحى أسيرا***وشعري عندكم أمـسى شعيرا

تريدون الرّعاع ولست منهم***لأنّي ما استطعت بأن أصــــيرا

رفضت المدح في نظمي انتهازا**وفي خلدي أحاول أن أطيرا

أفتّش في الحروف عن المعاني***وأرسم ما أراه لنا مصـــيرا

وأعلم أنّني عبد ضعيف***وعبد الله من ملك الضّــــــــــــميرا

///

رغيفُ الشّعر يُخْبزُ للعبادِ***ليدفع بالعــــــــــــقولِ إلى الرّشادِ

يغذّي الطّامحين إلى ارتقاء***بنظم تستجــــــــيب له الأيادي

ويسقي أنفسا بزلال مــــاء***قتــــــــــــشربه القرائح كالجيادِ

فتزهر حينها الأفـــــكار فقها***يداوي من أصـيب من العــبادِ

وإن نحن اعتبرنا الشّعر رجسا**سنغرق في الهراء وفي الفسادِ

محمد الدبلي الفاطمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق