أحلام أنثى
الحلقة السابعة عشر
الحب والمحبة
تابعت سحر قصتها قالت: فرح لويس عندما أخبرته هدى بقبول تعليم أولاده، لكنها طلبت منه ألا يخبرهم عن حضور معلمة لهم، وقالت: سأزوركم زيارات عادية... وأحاول أن أكسب ودهم. إذا أحبوني، الحب يأتي بالمعجزات...
وفعلاً صارت هدى تتردد على منزل لويس وتروي قصصا للأطفال يحبونها، حتى باتوا ينتظرون عودتها لتكمل لهم تلك الحكايات، أو تسرد لهم حكايات جديدة...
تعرفت أختي على الأولاد جورج في الصف الثاني الابتدائي، ونوال في الأول، نهاد في الروضة، وجورجيت رضيعة ابنة السنة ونيف، والتي أخذت اسم أمها التي غادرت الدنيا وهي تلدها...
بعدها توطدت علاقة هدى مع الأطفال، صارت تحضر لهم الألعاب وتلعب معهم في قاعتهم الكبيرة الممتلئة بألعاب كثيرة، تبعد عنهم الألعاب الضارة الإلكترونية ...وتركز لهم على الألعاب المفيدة...وخاصة ألعاب الفك والتركيب المختلة المتنوعة...
عندما شعرت هدى بأن الأولاد باتوا ينتظرون حضورها ويستقبلونها بلهفة، وتشعر بحرارة قبلهم وهم يغمرونها...
أحضرت لهم لوحا مدرسيا، وقالت دعونا نلعب لعبة اسمها المدرسة، وبدأت تفتح كتب الأولاد المدرسية، وتظهر إعجابها في الكتب، ثم بدأت تذكر لهم فائدة هذه المعلومات المدونة، وبماذا تفيدنا تلك المعلومات في حياتنا اليومية،
أحست بأن جورج يستوعب الدروس ويهتم بها، وأدركت بأن الصبي ليس غبيا كم وصفوه، بدأت تعلمه جادة وأرادت أن تنقله من شعبة الكسالى، إلى شعبة الشاطرين...
وجاءت نتائج العلامات الشهرية تدل على تقدم سريع أظهره جورج مما لفت انتباه والده، وأيضاً استغراب معلمة صفه، بدأ الصبي يشارك التلامذة ألعابهم، وصارت تظهر على ثغره ابتسامات كانت غائبة عنه...
هذا أسعد لويس كثيرا، لذلك أهدى أختي مبلغا كبيرا من المال وقال: أنت لست معلمة فحسب، أنت أم ثانية لأولادي... بكت هدى وسالت دموعها، وقالت الله يرحمها، الأم لا تعوض بكل نساء العالم...
اقترب عيد الميلاد اهتمت هدى والأولاد بنصب شجرة سرو كبيرة بالمنزل، وصاروا جميعا مهتمين بتزيينها، مما أفرح قلوبهم وارتسمت ابتسامات الفرح على وجوههم...
وتابعت سحر تقول: لويس صار يتردد على منزل أهلي معتبرا ذاته صديقا للعائلة، نادرا ما أكون أنا في المنزل، وحتى عندما أكون أنا موجودة لا أتمكن من النظر إليه غير نظرات عادية من قلب مغلق...
لم أعد أهتم به، وعودت نفسي على نسيانه، ولم أكترث إذا أحب أختي، أو أختي أحبته، هذا شأنها هي، هو لم يعد يهمني أمره،
لويس انتهى من حياتي رغم الجراح التي أحدثها في قلبي، والتي لن تندمل...
قبيل عيد الميلاد، جاء لويس يزور أهلي حاملا معه باقة ورد كبيرة وكنت أنا موجودة بالمنزل وقال:
أشكركم كما أشكر هدى التي فعلت فعل السحر لأولادي، هم يحبونها بشكل لم أكن أتصوره ابداً، وحتى ابنتي الصغيرة جورجيت تناديها ماما...
هم ينتظرون عودتها كل يوم، وعندما يسمعون صوت السيارة التي تحضرها يهرعون إلى استقبالها وضمها وتقبيلها بحرارة...
أنا جئتكم اليوم أدعوكم إلى منزلي، حتى تشاهدوا ابنتكم المعجزة هي وأطفالي، ماذا فعلوا وكيف أشعلوا شموعاً في بيتي كانت مطفأة، وكيف فتحوا الستائر التي كانت مسدلة، وكيف رووا زهورا كانت تشكو عطشا...كم أنا شاكر لها صنيعها. وروعة أفعالها...
وصراحة، لو كان قلبي معي لاخترت هدى زوجة لي، وطلبت يدها الآن، لكنني أحبها كأخت غالية عليّ، لأن قلبي معلق في إنسانة ثانية، ونظر إلي نظرة جعلت قلبي ينبض بشدة... لكنني أخفيت لهفتي.
أنا أحب سحر بعقلي وقلبي، وكل جوارحي، ولكنني كتمت مشاعري، لأنني لم أكن أتصور وجود امرأة مثل هدى، يمكن أن تكون اماً بديلة لأولادي... أولادي في أمان بوجود هدى معهم...
أنا أعرف كم تحب سحر عملها، وأنا لن أطلب منها أن تستقيل منه، هي حرة أن تبقى في وظيفتها التي تهواها، أو ترغب أن تتفرغ للكتابة في البيت، وأنا أتكلف بذهابها إلى إي بلد في العالم، ترغب في زيارته حتى تكمل تأليف مدونتها، وحتى مدوناتها المستقبلية، وأنا سوف أطبع لها كتبها في أرقى دور نشر في العالم... وبأفخم أنواع الورق...أريد سحر أن تكون ملكة حياتي...
أنا أدعوكم لقضاء سهرة العيد في منزلي وسيحضر أهلي وأهل جورجيت...
إذا حضرتم سأعتبركم موافقين مباركين طلبي يد سحر، وسأقيم الدنيا ولن أقعدها فرحاً، وإذا لم تلبوا دعوتي، سأعتبر بأنه لا حظ لي في دياركم...
عندم تكلم لويس عن هدى ظنناه جاء يطلب يدها هي، هو يحترمها لكن يبدو لا يحبها، كما أنا أرى الكابتن سليم مناسبا لي كزوج، لكنني لا أحبه، القلب له أحكام تختلف عن أحكام العقل في كثير من الأحيان، ما أسعد اثنين يحبان بعضهما البعض حبا جما، ويكونان متكاملين لتمضية العمر إلى نهاية مشوار العمر سوية...
تركنا لويس في دوامة هل نذهب إلى داره في عيد الميلاد، أم لا نذهب؟
الكاتب: عبده داود
إلى اللقاء في الحلقة الثامنة عشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق