"ليلة في الملجأ"
إنهمر المطر زخّات
كموسيقى بلا آلات
ورحل القمر بعيداً
في سبات
وفرغت السماء من
النجمات
البرق كان يقطع
الظلمات
فيختلط الخوف
بالبردات
مع رعد يزمجر
وصفّارات إنذارات
وزاد الطين بلّة
من هذه الأزمات
الورق الأزرق على
زجاج النافذات
لنخفي وميض
الانارات
منعاً لإرسال
إشارات
فلا نرى ما يحدث
في الساحات
هي شمعة تبكي هنا
وشمعة تذوب هناك
ونجلس بدوائر
وحلقات
نعدّ صوت الرصاص
بالطلقات
ونسمع أبواق سيارات
الإسعافات
كان على الشرفة
المقابلة للشرفات
من الطرف الآخر
من البنايات
قنّاص مقنّع الوجه
بماسكات
وتقترب بزحفها
مجنزرات
تحوّل الإسفلت
لحصى فُتات
ترعب الصِبْية الصغار
والبنات
ونسمع في المذياع
من الأخبار نشرات
جاءنا الآن وجاءنا
قبل ساعات
طريق سالك وآخر
تقطعه ميليشيات
وصراخ وويلات
جارنا التالي مات
ويزيد العدّاد
وتنقص الحلقات
وهذا زوج سعاد
إحدى الجارات
قرر التخفّي لشراء
مأكولات
لأطفال جياع إنتابهم
من البكاء نوبات
لكنه ما عاد
إخترقت جسده رصاصات
وتعبت وداد
ونزيفها كان حاد
قرروا المخاطرة
والإبتعاد
لم نعلم إن ماتوا
أو أرهقتهم الحياة
لم يبق غيرنا وبعض
العائلات
وأخبرونا أنهم جاؤوا
بالدبابات
سيهدّون المبنى بكل
الطبقات
هربنا من خلف
الجدارات بممرّات
مهرولين نحو
السيارات
والقصف كان قد
إشتدّ وزاد
ركبنا سيّارة خاصّة
مقابل ثروة ليرات
وكادت أن تطير بنا
بسرعة كيلومترات
هرباً من خطر يحيطنا
من عصابات
إتّخذوا القتل مهنتهم
وظنّوه إنتصارات
وفي خنادق أخفوا
الجثث المتهاويات
منهم من قُتل
ومنهم تاه في المتاهات
حتى وصلنا إلى مدينتنا
فزفرنا التنهيدات
وبكينا فرحاً بسلامتنا
وآسفين على ما فات
حربٌ بعناوين شتّى
نتج عنها خسارات
لم تحمل الاّ وهم
خداع شعارات
حرب أهلية وحرب طائفية
وحرب نزاعات
فاطمة البلطجي
لبنان /صيدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق