الاثنين، 2 أكتوبر 2023

ربيعة للأديبة نادية مداني

 ربيعة 


عاشت ربيعة بيننا زمنا لا أعرف مقداره، لكنها غادرت عندما كنت في الخامسة العاشرة من عمري بعدما تزوجت شخصا لا أعرفه. 


لم أتساءل أبدا من هي، و لماذا تقوم بأشغال البيت، و من أين أتت، و هل تشتاق لأهلها أم لا ؟


كان وجودها يبدو طبيعيا جدا بحيث لا يثير أي تساؤل أو دهشة. و رغم أن فارق السن بيننا لم يكن كبيرا جدا إلا أنها كانت أكثر نضجا و عمقا بكثير !


قلت لها ذات مرة بعدما غسلت الأواني و كنست البيت : أرأيت كم ساعدتك اليوم في أشغال المنزل ؟


فأجابت : لم تساعديني، فهذا بيتكم و ليس بيتي !


قلت لها باستغراب واضح : و لكن أليست هذه أشغالك ؟ أما أنا فلست مجبرة على القيام بها !


أجابت : تنظفين بيتك و تمنين علي ؟


ازداد استغرابي من قولها، خاصة و أنه بدا منطقيا جدا ! فذهبت  أسأل أمي إن كانت ربيعة على صواب، و كنت أرجع إليها في كل أمر أحتار فيه، لأن لديها  أجوبة لكل شيء !


قالت أمي : ربيعة على حق، كل من في البيت مسؤول عن نظافته و العناية به حسب قدرته و ما يسمح به وقته. أما هي فمساعدتي أنا، أثق بها و أوكل إليها أمور بيتي و ليس لأحد غيري أن يطالبها بشيء أو ينتظر منها تبريرا على شيء ! ما عدا هذا فأنتم سواء في البيت مثلها !


علمتني ربيعة درسا لم أنسه طوال حياتي، فمن يعملون لديك هم من يحق لهم أن يمنوا عليك لأنهم يساعدونك في تحقيق أهدافك و نجاحاتك و يبقون في الظل، بينما نقدم لهم نحن مقابلا ماديا قد يكون كافيا أو غير كاف لهم، دون أن نعبأ بأحلامهم أو ندري شيئا عن تضحياتهم ! 


 قالت لي يوما أيضا : أنت لست أفضل مني كي أقوم بخدمتك، فقط هي الحياة تدور بنا حيث تشاء !


كانت يتيمة الأب و استولى عمها على إرثها فاضطرت للعمل و هي ماتزال يافعة جدا، و لم يكن لدي أي علم بما يمكن أن تعيشه فتاة مثلها ! 


فقط هي الحياة تدور بنا حيث تشاء كما قالت !


نادية مداني/ المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق