نزيف الروح
عصفت رياح الشوق بوجداني فتبعثرتُ كاوراق هذا الخريف الحزين وما كان الخريف يشبهني ،لكّنه اصابني بالعدوى ،كنت أعشق أجواءه المترعة بعبيره المضمّخ بالرطوبة كعشقي للحياة . أراقب الأشجار وهي تتعرّى من أثوابها المخملية وديباجها المرصّع بالزبرجد والياقوت ،ارصد الغيمات القادمة من الشمال حبلى بمطر لم يشأ ان يطفئ ظمأنا وتوقنا للتحرّر من سجن الذكريات وينعش نفوسنا التي اضناها طول الإنتظار وملّت السفر نحو المجهول فشاخت وهرمت وصارت تطلب الخلاص والسكينة الأبدية ...
لقد تغيّرت ،نعم تغيّرت وصرت أشبه أمّي اتتبّع الوجع في كل مكان من جسدي صرت أحبّذ الوحدة والهدوء وأعشق الظلمة لم أعد اتحمّل الضجيج ولا الأماكن المزدحمة ،صرت لا أشبهني بل أشبه تلك الأوراق الصفراء التي عصفت بها الرياح العاتية فتّكدست كئيبة على قارعة الطريق تنتظر من يجمعها و يلملم شتاتها صرت أشبه تلك الغيمة الحزينة التي تغطّي سماء وطن بلا هويّة ،صرت أسيرة بدون سجن و لا سجّان ولا قضبان صرت أجهّز الأكفان لضمير ضيّع الأوطان وباع القضية وصار هو السجين والسجّان ...
لطيفة حمدي/ تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق