آه يا دجلة
————
أسمعها
يوقظني رجعُ النغمِ الآتي بعبيرٍ روحانيٍّ من شفتيها
(ماغبتَ ولا غابتْ دورةُ هالاتِ التحديقِ حيالكَ
أوَلم يَتَلَقَّ فؤادُكَ بعضَ اشاراتٍ
يقرأُ فيها لهفتيَ المجنونة ؟)
بلى كنتُ لمحتُ المرمرَ فَوْقَ الجرفِ على (الكهفِ العالي) يصرخُ:
آهٍ يا دجلةُ منذُ زمانٍ ماصفَّقَ موجُكِ فوق شقوق مساماتي
لم تتراقصْ أطيارُ ( النعّاج) على ساحتيَ الملساءِ ولا داعبَ منقارٌ لألاءَ شقوقي
أتعللُ في أصداءٍ لنشيجٍ ونقيقِ ضفادع
أطيطٌ ينشرُ فوقَ سمائي
وخزُ حنينٍ أكديٍّ يتوَغَّلُ خلفَ نهاياتي
كنتُ أنادي غادةَ يرتجفُ النارنجُ المُتَدَلّي خلفِ الشرفةِ
ينتحرُ القِدّاحُ على مجرى الساقيةِ الظمآنة
أسمَعُها بين ممرّاتِ البرديِّ تذودُ عن البطِّ العائدْ
ثعالبَ قادمةً من مجهولْ
تفلتُ روحي مني حولَ الحَوَرِ الفاحمِ توغِلُ في طَيّاتِ
عبيرِ الشالْ
تتباركُ في رائحةِ الطينِ الميسانيِّ المتناثرِ من نقلِ خطاها
قلتُ : أعيدي لي أولَ زحفٍ للخطِّ المطريِّ العابرِ للمدنِ المأهولةِ بالنخلِ البصريِّ
خذيني حرفاً خُطَّ على جدرانِ معابدَ أوروك
نستوحي منهُ خبايا وَلَهِ الجذرِ الخالدِ في شطِّ الغرّاف
وكيفَ يُفَضِّلُ نورسُ دجلةَ موتاً يتأرجحُ فيهِ على رقصِ الموجِ
أعلمُ أَنك حَدَّثْتِ كثيراً من عشاقكِ
سمعتِ الغزلَ المنثورِِ على قامتكِ الممشوقة أطرَبَكِ غناءَ الشعراءِ الموزون بحَوَرِ العينينِ فاصبحتُ كهؤلاءِ
نسياً منسياً في الذاكرةِ المعطوبة
أَعْلَمُ أن السلوان وراءَ غيابٍ يستدرجُنا نحو مداخل يهربُ منها الضوءُ لايبقي منكِ سوى دورةِ دمٍ في شريانِ القلب
يدفعُني أنْ أذكُرَ كل تقاسيمِ محيّاكِ
بعد ملايين السنواتِ الضوئية
أَعْلَمُ أن جميعَ أحبائي حين أكون .
قِشَّةَ سَيْلٍ ضربَتْهُ مياهُ ديالى في طيات الثوب
أتلاشى فوق المرمر
ينأون بعيدا عني
يستجمعُ كل حبيبٍ أحرفيَ الولهى ويباغتُ فيها أشرعةً تمخرُ فوق عبابَ ( الدانوب)
وأنا يوْميّاً أذهبُ أبعدْ
د. محفوظ فرج المدلل
اللوحة التشكيلية للفنان الكبير الاستاذ ستار كاووش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق