الأحد، 24 ديسمبر 2023

زمن بألم الخاصرة للشاعر مصطفى محمد كبار

 زمنٌ بألم الخاصرة


تدورُ الشدائدُ بكربها  بالعمرِ  فتصيبُ

و يطفو  في الجفنِ نارُ جمرٍ  و لهيبُ


هذا الكفرُ  و كربُ  الزمانِ  يقاصمني

جرحٌ  لعوبٌ  و كأسُ العلقمِ  الشريبُ


فمالها الأيامُ  تدورُ بسقوطُ  الأوصالِ

تهدني بوجعُ السنينِ بمرها و لا تغيبُ


كالنقيمُ  القرابينِ  بديارُ  الدهرِ  كأنها

كذابحِ البعيرِ  راحتْ  تغلبني و تُنِيبُ


مالها تحضنني بوهبُ الموتِ و ترضى

إنْ نالَ  الألمُ  مني  و رَاحَ  يسْتَطِيبُ


بيني و بينَ الزمانِ خصامٍ بمرُ اللعناتٍ

عداوةُ  تعاركُ وجهنا بيومها الشحيبُ


فأمضي  بلوعةُ  الخيباتِ  بكلَ مآتمي

أجولُ  بمرَ غربتي  كالمعتوهِ  الغريبُ


تدنو المهالكُ  بوحشتها  و  تكاسرني

ألمٌ في الروحِ يلهو و قبرٌ  باتَ قريبُ


هو الدهرُ حالهُ  مهزومٌ  كلما درتُ بهِ

فلا نجاةٌ للمقصومِ و لا الصبرُ  يطيبُ


أناجي بألف طعنٍ و الرماحُ بضلوعي

فلا القدرُ أرضاني و لا السماءُ  تجيبُ


كل الصلواتِ  مكايدِ  المحنِ  بخبتها

كحالُ السنينِ  تعلو بجراحنا و تعيبُ


عندَ الغَسقِ المريضِ  أحملُ  بنعوشي

و الليالُ تقسو  بهزائمي  بمرِ النصيبُ


يا قبلةَ الفجرينِ  إلى أينَ  تمضي بنا

و كلُ دروبُ  الأقدارِ  بكسرنا  تُخِيبُ


تلكَ  النواقصُ  كيفَ  تدومُ  بنا  أرقاً 

و تفارقنا الحياةُ  ببعدها و لا  تَطِيبُ


فأشكو  برحيلِ  الوالدينِ  كلما هدني

الدمعُ  فنارُ  الذكرياتِ  بالدمعِ  نَهيبُ


هي كآبةُ  الغربةِ تقتلني بينَ جدرانها

بالطعنِ المريرِ و هذا الجرحُ  الدَؤوبُ


إذ كأنَ  للعمرِ راحٌ  ما دارَ بعلتي وجعٌ

و لا نلتُ  بقهرُ السنينِ  بياضُ الشَيبُ


لعامُ الخمسينِ و مازلتُ أجرُ بأحزاني

ذلُ العمرِ و هذا الجرحُ الذي لا يتوبُ 


حيناً  أهربُ  من صور الأمسِ  لأنجو

و حيناً  أبكي  ببحرَ  الدموعِ  الكئيبُ


إنى  لزمتُ  بديارِ الأحزانِ  بالفِ دهرٍ

بكربُ الأسى و بلياليها السودُ الربيبُ


فحسبي  للذي  راحَ  يسقطني  بسقمَ 

كؤوسهِ  يجهدُ بالكسرُِ اللعين الرهيبُ


قد أدركتُ  باليقينِ  لا عيشٌ  بالحياةِ

ما دامَ  بالقلبِ  نارٌ  و بالعينِ   نحيبُ


فأسفي لهذا العمرِ  و ما أشقى  بنحرهِ 

خسرُ أدمعي و الشرُ الجاحظٌ الرقيبُ


ألفُ  جرحٍ  دارَ يعصرني بوجعُ الهلاكِ

و ليس لوجعُ  الجرحِ راحٌ و لا  طبيبُ


حتى  حسبتُ  بنجاتي كفرٌ  لن ألقاها 

طعنٌ بكلِ حينٍ و فجرٌ يطلعُ معطوبُ


مصطفى محمد كبار

حلب سوريا ٢٠٢٣/١٢/٢٣

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق