في ظل سنديانة
تحت شجرة السنديان تقف و في يدها زهرة يفوح عبيرها فيملأ المكان .. عيناها تحملان الكثير من الشجون و الحنين و بعض الانتظارات الطويلة المريرة .. على أعتاب وجنتيها الوردية شيئا من انتصار ازدهت به ..
تجوب بعينيها الحيارى يمنة و يسرة ..
تقف بهامتها الهزيلة ..المتآكلة من برد الحنين .. تستطلع ملامح المارة بهدوء ..و تراقب كل نهايات الدروب و تتمعن في ركاب الحافلات ..علّه يكون وسط الحشود ...
تقف تحت السنديانة و كأنها واقفة تشهد حتفها الأخير .. الخوف كله استوطن قلبها الصغير ..و كأنها واقفة من زمن طويل ..تتخيل مشهد اللقاء كيف سيكون؟
و في عينيها فرح و بهجة لرماد من حنين .. عربدت فيه ليال الشتاء الطويل ..
و يداها النابضة كزهرة أقحوان برية ..موعدة بعد لحظات بملامسة يديه ..بالضياع فيه ..و الاندثار ..
تقف و كأن زمنها واقف على الضفة الأخرى للطريق ...و كأن طريقها بلا نهاية ..
وكل مشاعر الأرض سكنتها ..!
تقف ملهوفة ...متعطشة للنظرة الأولى ... للمسة الأولى .. للعناق الأول ..لبسمة عينيها و عينيه الأولى ...
بوجهها القرمزي .. و بملامحها الشجية المغموسة بتراب قريتها وبسمتها المخبوءة خلف تلال الحنين ..
تستطلع كل المارة بقلب ملؤه الحب و الشوق وكأنهم كلهم هو .. ..بقلب يستحضر كل لحظات اللوعة و هي تتلوى على ضفاف الأحلام بلقائه ..
و هي تنحني بكل كبرياء امرأة لمواقد الحنين ..
لتجتر صدى صوته و تذيبه بداخلها المُحطِبِ
مرات تلو المرات ..
تكاد لا يسعها الطريق
و لا تسعها عيون المارة ..و لا تسعها
كل أحلامهم ..أمنياتهم..
و حلمها الأكبر بدا يزهو شيئا فشيئا ..
تترقب الساعة ... و تمعن النظر بها أكثر ..
و كل دقيقة فيها تمر كأنها عمرٌ من الانتظار ..
كأنها ساعات وابل متواصل بلا مظلة ..
كأنها أحرف حنين بلا نهاية ..
تعيد على مسامعها شعرا
و تتمتم شفتاها لحنا ..
إلى أن بدا لها من بين الجميع ..قادم و يهم بالمسير نحوها ..
ازداد نبضها ..و تسارع ..
تستدير نحوه بهدوء و تطالع هامته وكأنه أسراب من فرح تتدفق إليها .
يزداد نبضها رويدا رويدا ..
فترتمي وتعانقه .. وقد بللت الدموع عناقهما ...
فاديا الصالح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق