بدرب الحياة
تائهون
بين ذاكرة الأمس
و بين خاضرٌ مريض
بالفساد المر
فنحن لا نحمل صفة
الأحياء السعيدين
بل نوهم الأشياء بشكلها
المختلفة عن الحقيقة
و نوعظ بين الكلمات بما
يهدء من الجنون
عابرون
من ذكرى الأيام إلى ذكرى
الموتى
نركض خلف السراب
بحقائب الخيبة
و نكتب أسمائنا على جدار
الليل حجراً حجراً
فلا نريد من الحياة شيئاً
إلا
قليل القليل من صورتها
البعيدة
كي نحتمي تحت ألوانها
من بوردة الحرمان
و الكآبة
نريد أن نكون كما النجوم
حالمين بالسكون
و أن نعلق أحلامنا بأجنحة
الريح
كي ننام بهدوء الروح
بلا حزن
نريد أن نسرق من الراحة
أملاً يشرق بنا
و لا نريد من الحياة أكثر
من حق الأموات
المتعبين
فلنا رغبةٌ قديمةٍ بباب
الآلهة
تنتظر عودتنا من
العدم
نريد أن نكون من الأحياء
قبل موعدنا الأخير
نريد أن نحيا قليلاً
لا لشيء
حتى إذا جاء ملك الموت
نرضى بالقيامة
و نحن واقفين بإستسلامنا
الأبدي
فالعدل يجب أن يكون
هكذا
حياةٌ ثم حياةٌ ثم حياةٌ
ثم موتنا
فلا نقبل من الآلهة أن
تقتلنا مرتين
مرةً و نحن نحمل صورة
الأم الباكيةِ كقدرٍ
محتوم
و مرةً اخرى عندما
نبكي
أمام نافذة الوداع
الأخير
فنحن أشبه بطائر
الحر
الذي سقط في الماء
فيصارع بخوفه الموت القريب
للنجاة
نحزن و نبكي و نتوجع
و نبكي
دون أن نفكر و لو للحظةٍ
بلون الزهرة
أو برقصة الفراشة فوق
وجه الصباح
لقد نسينا وراءنا كل
أحلامنا
و كل شيءٍ جميل كان
يرسم إبتسامتنا
الصغرى
منكسرون
نحن بألف جرحٍ و جرح
و خاسرون ثم خاسرون
فراحلون بفراغ
الأشياء
ثم نموت مسرعين كما
الأخرين
هل حملنا صورة الحياة
بلحظة الولادة
خطأٌ ككتب التاريخ
المغلوطة
أم هي لوحدها جاءت
مكسورة الملامح
بقرب الحياة لنا حكايات
مذهلة بأوجاعنا
تحكي للعابرين ما كان يؤلمنا
و ما يهدنا بالهلاك
هناك لنا ألف كسر
من سخافات
الزمان
حتى نسينا كيف تمَ
قتلنا
لقد سرقوا منا المكان
و سرقوا الزمان
و كسروا أحلامنا بالحجرِ
هناك
و من الوجع نسينا حتى
كيف كانت شكل الأيام
بمشانقها
و كيف كان شكل القتلى
الحائرين
قد كان ما كان و ما
جرى كان ....
فلم نحظى من الأقدار
إلا
بيوم الإنكسار و الهزيمة
و لم نكن نحلمُ بأشياء كبيرة
تشبه الأحلام
كنا ننتظر من السماء أن
لا تقسو علينا أكثر من الذبح
بالحجر
فماذا كان ينقصنا
لنحيا
و لو مصادفةً بظل
الشمس
فهذا الظلام البعيد
البعيد
قد قضى على كل
شيء فينا
صرنا نمشي متعثرين نصطدم
بكل شيء أمامنا
فلم تعد تلك الخطوات
تحملنا
فنحن سقطنا حتى من
أسمائنا
فأصبحنا كقطرة المطر
الساقطةِ
ليس بوسعها إلا السقوط
المدوي
ثمة أشياءٍ كثيرةٍ بداخلنا
تنطق بالوجع
و ثمة أشياءٍ أخرى فوضوية
بذاكرتنا بقيت
تهلكنا
كنا و مازلنا و سنبقى
كالحجر الثقيل على هذا
الزمان
و المكان سترفض لقائنا مهما
تغير علينا المكان
فالعدم قد أورثنا مهمته
و نام في غدنا
كزائرٍ قادمٍ من غدنا
المكسور
فلا شيء من الغد
سيبشر بالآتي
فعلى العمر أن يلملم خيبتهُ
الكبرى
و يمضي نحو يومه
الأخير
بوجع الحكاية القديمة
و ينسى ذاته
فلنا كلُ الحق أن نبكي
على المصيبةِ
الأبدية
لوحدنا لنا الحق في أن
نبكي
و لوحدنا الحق أن نكتب
بجدار القصيدة
و عن كلِ جدارة ممكنة
إذا إستطعنا
خائبون .... خائبون .... خائبون
مصطفى محمد كبار
ابن بعدينو عفرين
حلب سوريا ٢٠٢٤/١/٢٧
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق