السبت، 3 فبراير 2024

على حافة الهاوية للشاعر مصطفى محمد كبار

 على حافة الهاوية


فلا 

تتخيلوا شكل وجهي 

يا أيها العابرون

فوجهي مثلُ الماء بلا ألوان

كالوحةِ الضباب

و لا تحملوا فكرتي المسروقة

حول المساء 

و تناموا كالأموات الواقفين 

فوق أحزاني 

أخبروا ذاك الفجر البعيد ُ

البعيد 

بأني قد كتبت كل ظلامي 

في القصيدة دفعةً 

واحدة 

و أوهمت نفسي بأني حرٌ  

بواحةِ القافية                      

لكني نسيت بصدى الأوجاعِ

من حولي

 أن أكتب لذاك البعيد الراحل

بذاكرة النسيان 

عن زمن اللقاء و عن صدى

الألمِ خلف الوداع

لكي أغني له إغنيةَ الخسارةِ

بساعة الضجر

فكل الوقت من واحتي

قد  انكسر

فالإنتظار قد سرق مني

كل ما يصبرني

و نسيت كما الساكرين 

لغة الأسماء و شكل الهزيمة 

في الإنكسار 

فهل كان ينقصنا الوجع أكثر 

لنصحو منكسرين

أم نحن بدرب الهلاك رسمنا

بلون الظلام صور

القرابين

و أمضينا بكل العمرِ المكسور

نجرُ بخيبة السنين

فالحنين قد مارس بالعمر

ذبحَ الشاة 

أنا و الليل متعادلينْ متعانقينِ

بجدار الريح 

غيمةٌ تحملنا نحو البعيد

الهارب

و غيمةٍ تسقطنا متعثرين 

بأجنحتنا المتحطمة

ما هو الشيء الذي يلزمنا

كي نبقى واثقين

بالغد

فكم مضى من الوقت 

لنحلمَ معاً 

بوجه  القمر الجريح

دون الخاتمة 

نبوح بسيرة الحكايات

و نحن متألمين

نريد أن نسرق من الحياة

قليلٌ من الهواء 

ليكون سبب النجاة من عمرٍ

مقتول

قد  كان لنا كل السواد  من

الأيام

و لم نكن نحظى من الأقدار

إلا ما كان يوجعنا

فهل الحياة هي هكذا بصورتها

البعيدة

تعبٌ و ألم  و  وجعٌ بالمقالِ

في الندم

لا شيء يوحي لنا ههنا

بالخير 

فكل الأشياء تشبه التوابيت

كي نسكنها و نحن

قتلى

نمشي محبطين على منحدرات

الأحلام

دون أن يكون لنا هناك 

أثر  ما يعيدنا لنفس

للمكان

نجلس  على أرصفة الغرباء

منسيون في الحجارة

فنكتب أسمائنا على جدار

الكآبة حجراً حجراً 

و نجسُ لون المدى البعيد

خلف الذكريات 

متلهفين عند أبواب السراب 

ننتظر  قطار السفر

الأخير 

عابرون من زمن الأوجاع

إلى زمن القصيدة 

فربما تحملني الكتابة لعالمٍ 

آخر جديد

فالوحي ملكُ الحالمين وحدهم

حينما يبكي القلب وجعاً 

و يجهش

فالقصيدة هو المكان الوحيد

للخائبين

وحدها تدرك بأحوالنا 

المتسربة للهاوية

وحدها تأخذ من ذاكرتنا

مساحةً كبيرة

تكفي كي نرتاح بظلها

و لو قليلاً 

فتصنع من الكلمات لنا

قبةٌ  من الفراغ 

فنحتمي بأنفسنا من الهلاك

المر فيها 

فالخيال هو الخيال 

فلا  ذكرى لنا من الخيال 

سوى وجع القصيدة 

فأنا وحدي كنت أولُ شاعرٍ

دونت لغة الموت 

بشكلها المختلفِ تماماً عن 

الأخرين

و وحدي أتحايل على المفردات

لأملكَ المعنى تماما

فلا يكفي لنكتب عن ما 

يوجعنا 

لنحيا خاسرين و خاسرين

فمازال 

ينقصنا الكثير من الوقت 

لنكون بصورة الذكرى

و من الغد البعيد ما سوف

يأتينا لننكسر خاشعين

كي نرتب بفوضوية الأشياء 

التي

تقتلنا بصورة الإحتواء

لقد نسينا أنفسنا بأرض

الأحزان لنموت أكثر

قد كتبنا ما كتبنا بوصيتنا 

الأخيرة للراحلين 

هناك

فلا نريد منكم قراءة 

ما يكسرنا

و لا تقرؤوا من الكلمات التي

تجعلكم تندمون

افتحوا أبواب الذاكرة للقصيدة

قبل موعد اللقاء المنهزم

و اعتنقوا  بصلوات الخاسرين 

بيوم الرحيل

فلكم ما ملكم من الرحيل

ما يؤلمنا

و لنا ما لنا من الآلهة بكفن

الرحمن

فيا أيها البرق أوضح لنا

قليلاً

أوضح لون القصيدة عند 

جدار الليل

فلا نريد أن نموت خائبينَ

بقصيدة واحدة 

مرتين ..........


مصطفى محمد كبار

حلب سوريا 

ابن عفرين  في  ٢٠٢٤/٢/٣

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق