طبق جديد / بقلمي أروى عريقات
استيقظتْ على صوتِ المنبهِ في الصباحِ الباكرِ وأخذتْ تحضرُ ما تستطيعُ منْ طعامٍ للإفطارِ ، فلقدْ أزفَ الوقتُ وشارفتْ الحافلةُ على القدومِ لتوصلها إلى العملِ في ذلكَ المصنعِ القابعِ على أطرافِ المدينةِ ، ارتدتْ ثيابها على عجلٍ واتجهتْ لبدايةِ أسبوعٍ جديدٍ مليءٍ بالشقاءِ والمشاحناتِ المتكررةِ في بيئةِ عملٍ قاسيةٍ لا ترحمُ ، ولكنْ كلُ ذلكَ يهونُ في سبيلِ ابتسامةٍ منْ ابنها أوْ ابنتها فالحياةَ قاسيةٌ ولا بدَ لها منْ مساعدتهِ فهوَ موظفٌ بسيطٌ في دائرةٍ حكوميةٍ لا يسدُ دخلهُ المتواضعُ إلا القليلَ منْ متطلباتِ الحياةِ ، وهيَ بدورها لا تقبلُ أنْ يتجرعَ أبناؤها مرارةَ الحرمانِ منْ شيءِ ما ، على الأقلِ أنَ تقدمَ لهمْ أقصى ما تستطيعُ أنْ توفرهُ بعملها المضني في هذهِ المكرهةِ الصحيةِ !
وبعد عدةِ ساعاتٍ ثقيلةٍ أعادتها الحافلةُ إلى موقفِ الحافلاتِ منْ جديدٍ ، فلقدْ قاربتْ الشمسُ على المغيبِ لذلكَ أسرعتْ الخطى واتجهتْ بملابسها إلى المطبخِ لتكملَ إعدادَ الطعامِ بعدَ أنْ طبعتْ قبلةَ حبٍ على جبينِ أبنائها مبتسمةً متحمسةً لتقديمِ هذهِ الوصفةِ الجديدةِ منْ الطعامِ التي تمَ تداولها على صفحاتِ مواقعِ التواصلِ وبالتأكيدِ ستكونُ شهيةً ، فهيَ طباخةٌ ماهرةٌ منذُ صغرها ! .
استفاقَ قبلَ موعدِ الأذانِ ببضعِ دقائقَ وجلسَ على الطاولةِ بشعرهِ الأشعثِ متأففا غاضبا فهوَ لمْ يتلذذْ بأيِ سيجارةٍ منذُ الإمساكِ وهوَ ما لا يستطيعُ أنْ يطيقهُ !
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ ، أذّن المغربِ أخيرا, وبعد أنْ فرغَ منْ سيجارتهِ الغاليةِ وكوبِ القهوةِ ، مدّ يدهِ إلى طبقةٍ ليتذوق ما أعدتْ الشيفْ لهذا اليومِ ، ولكنْ على ما يبدو لمْ ينلْ الطبقُ إعجابهُ فبدأَ يههم بكلماتٍ نابيةٍ تتصاعدُ حدتها شيئا فشيئا ، نظرتْ إليهِ ثمَ أشاحَت نظرها باتجاهِ أبنائها الذينَ كانوا فرحينِ بطعمِ الطبقِ اللذيذِ ، فاستشاطَ غيظا كيفَ لمْ تعرهُ اهتماما فأمسكَ بزجاجةِ العصيرِ وألقاها على الطاولةِ ليفسدَ طعامَ الجميعِ فهوَ الأهمُ ورضاهُ هوَ الأساس وغادر صارخا: يا لكَ منْ زوجةٍ عديمةٍ الإحساسِ!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق