الغربة تنهكنا
ما أقفر الوجود المترامي بلا عشق ولا حُبِّ
وما أروع البشر بصفاء النفس وَرِقّة القلبِ
يشقى الناس وهمهم السطوة ومزيد الكَسْبِ
ولو تمّ على حساب الغير وبكلّ سُبُلِ النّصْبِ
رهوط لا تستحي من بشاعة الأقوال والسَّبِّ
لا يقلقها إن ساءت واعتدت بالعنف والنّهْبِ
ويستهويها استغلال الناس بالغش والغَصْبِ
وترى في الصدق والوفاء تأخرا عن الركبِ
لقد هبّت العصابات وملأت كل صوب وحَدْبِ
فاحذر جيّدا لما تُستقبل على السَّعَةِ والرَّحْبِ
فإن نجوت من أُحْبُولَةٍ سوف تسقط في جُبِّ
تسلحنا بالنفاق واستسلمنا لمُقتضيات الغَيْبِ
وبلا استثناء فإن قيم الخير تميل إلى الجَدْبِ
ومناهج الشرور تأخذ في التوسع والخِصْبِ
مجتمع يحفل بالقشور ولا يهتم بما في اللّبِّ
أهي السذاجة أم التفاهة أم عقوبة من الرّبِّ
البعض ينفي بعضه والكل على نفس الدّرْبِ
حتى أضحت الغربة تُنْهِكُنا رغم شدة القُرْبِ
فهل ظل فينا حَبْلُ وَصْلٍ أو حبٌّ قويّ الجَذْبِ
فعنف السلوك أحيانا يوحي بالفزع والرُّعْبِ
وأعتقد أن زوال المحن ليس بالأمر الصَّعْبِ
ويظل أملنا في صَحْوَةِ النّخَبِ وذكاء الشّعْبِ
الهادي المثلوثي / تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق