الأحد، 12 مايو 2024

الجرار / ق.ق للأديب صلاح لافي

 الجرار....

نزل عبد الله مسرعا من على جراره.

طائر الحجل لا يريد مغادرة المكان. حفرة واسعة ؛مغطاة بالهشيم؛بوسطها مجموعة وافرة من البيض .أزال السائق التراب من على جانبي العش.عاد من جديد لكرسيه ؛وابتعد عن المكان وهو يتوخى الحذر في السياقة.

نقاش بين الرجل وصاحب الحقل لم يدم طويلا .الفلاح تفهم الأمر؛حال تفقيس البيض ؛سيعود عبد الله ليتم حراثة المزرعة. الزيتون أزهر لتوه؛فبدت أصوله وهي تتمايل بفعل نسمات الربيع ؛رائعة تسر الناظرين.سليمان ؛صاحب الضيعة يمني نفسه بموسم واعد. 

عاد عبد الله لمنزله مع منتصف النهار .وجد الفرصة مناسبة للعوده بابنه عمار من المدرسة. حال وصول الأب وابنه؛أعدت وسيلة وجبة الغداء لزوجها وابنها.

استلقى الكهل لحوالي نصف الساعةلينعم ببعض الراحة .جاره عبد الكريم طلب منه بالأمس حراثة حقله المحاذي للوادي .أمد عبد الباسط والده بكأس الشاي.فطلب منه الأخير تمكينه من كراس العمل المنزلي .ارتبك الصغير ؛ احمرت وجنتاه....ثم عاد متباطئا ..

تصفح عبداله الكراس...تفاجأ بخط ابنه...ومن أخطائه في الرسم والتركيب كما اللغة..ما لفت انتباه الوالد خطأ اعتبره فادحا...

فقد كتب ابنه ...”جر أبي الحقل بجراره“...

وفي صفحة أخرى ...عبر الطفل عن مشهد سقي شجرة 

”سقى  أبي الشجرة برشاشه “...

صعق الأب..

_يا للهول ؛لماذا لم أتفطن لمثل هذه الأخطاء من قبل ؟

فكر للحظة معاقبة ابنه شر عقوبة ...الضرب والحرمان من الأكل وربما حرمانه من الدراسة...أقبلت الزوجة مسرعة .

_سليمان ؛ سليمان يريدك لأمر مهم ..

هدأ روع الصبي؛ جلس قبالة سرير والده؛ مفكرا في العقوبة التي تنتظره ...

استغرب عبدالله من مرافقة الابن لوالده سليمان .الوالد بدا ساخطا وهو يمسك ابنه من يده اليسرى والطفل دامع العينين وملابسه ملطخة بالتراب...

_يا عبد الله؛ غريب أمر هذا الجيل ...

_ما بك يا صاحبي ؟  افصح ..

بيد مرتعشة؛ أمد الرجل الغاضب والحانق على ابنه كراسا بلا غلاف ؛ لعبدالله الذي تولى تصفحه على مهل ...

_تقريبا نفس الأخطاء يا جاري ...للأسف اليوم فقط اكتشفت ذلك... لا زلنا في منتصف السنة؛ وبالامكان التدارك بشرط الحرص المتواصل منا كأولياء ..في الأثناء انضم عمار لوالده وضيفيه...

استدرك عبدالله ؛وهو يلوح بسبابته اليمنى للطفلين ...

_لا زالت أمامكما فرصة؛ سنوفر لكما كراسات تحتوي على تمارين ونماذج للخط..وكتب ونصوص ...عليكما واجبات منزلية يومية ؛ومن ناحيتنا حين نرى تحسنا ؛سنرفع عنكما عقوبة المنع من اللعب ..كما سنوفر كالعادة المصروف اليومي وبحسب امكانياتنا وحاجتكما لذلك...

مفهوم؟ 

أومأ الاثنان برأسيهما موافقين..

_سليمان غدا دورك ..رافق الاثنين للمدرسة...اشرح الوضعية للمدير؛واطلب لقاء لاحقا بالمدرسين...

وعلينا التداول في زيارة المدرسة لمراقبة الطفلين ذهابا وايابا ومعرفة من يخالطان.

وفي المنزل لا بد من المتابعة اليومية والاطلاع على الواجبات   وتوجيهات المدرسين..ومدى انجاز أبنينا لما يطلب منها .المسؤولية قبل كل شيئ ملقاة على عاتق الأولياء...

عليهنا مرافقتهما من حين لاخر للحقول والمزارع ..

 فالجرار يحرث ؛ونسقي بالمرش ...  التدريب ضروري من الان ليأخذا بزمام الأمور لاحقا .

حيا سليمان جاره شاكرا ؛معتذرا عن عدم مرافقته  للبيت وتناول كأس شاي ؛وازعاجه وقت الظهيرة ثم عاد لمنزله هادئا وابنه خلفه.

صلاح لافي l تونس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق