الاثنين، 13 مايو 2024

ق.ق / في انتظار لحظة للأديبة سميا دكالي

 قصة قصيرة 📚


في انتظار لحظة 🌷


فتح عينيه بصعوبة لأنه مازال يرغب في النوم، لكن حرارة أغسطس ما رحمته حتى ينام مرتاحا، ولا تلك المروحة التي في السقف لبّت الغرض، كيف سيقاوم ذاك الحر؟ ربما عليه أن يشتري المكيف بدلا من تلك المروحة التي لم تنفعه بقدر ما أصابته بالبرد، رجلاه لم تعد تقوى على حمل جسمه المنهك.


من المطبخ سمع نداء زوجته:

-  لقد تأخرت عن العمل، هيا فطورك على المائدة.


نهض بتكاسل لا يريد سماعها وهي تكرر نفس الجملة، حفظها لقد أصبحت أول الكلمات التي يبتدأ بها يومه، تشعره وكأنه ملزم بذلك في كل الأحوال والظروف.


أجابها بنبرة باردة تدل على عدم الرضا: 

- ومتى غبت عن عملي، لا تقلقي سأكون في الموعد؟ 


لبس ملابسه متدمرا،ثم نظر في المرآة وكأنه يتعرف على نفسه ليجده غريبا عنها، ليس هو من سيذهب إلى العمل بل ذاك الماثل أمامه، هو من عليه أن يمثتل لكل شيء حتى الملابس التي يرتديها وإن كانت تخنقه، حمل حقيبة عمله الممتلئة بكومة من الأوراق، وصفق الباب وراءه ليذهب إلى عمله كالعادة.


لقد حالفه الحظ هذه المرة لم ينتظر كثيرا ليركب الحافلة التي بدت له غاصة، لقد استطاع أن يأخذ مكانا فيها بالغصب، كان العرق يتصبب من جبينه، ينشفه بمنديل كل حين وهو يحدث نفسه متسائلا : 

- أي حياة هذه التي أعيشها، إنها تسيرني إلى حيث تشاء لا كما أشاء؟ 


ما شعر يوما أنه عاش لنفسه ولو لحظة كما اشتهى أن يكون في حضن الحياة، يسحبه العمل إلى الشركة والزواج إلى بيته وإذا ما أحس بالملل يجلس مع أصدقائه في المقهى، هم نفس الوجوه التي يراها يوميا.

كم تمنى أن يحيا يوما لنفسه مرة واحدة، بل ولو لحظة واحدة تمنحه الحياة حضنها كما صورها دوما في مخيلته، لا آوامر لا عادات لا قيود بل أن يعيشها لنفسه فقط.


إلى متى سينتظر تلك اللحظة التي حلم بها منذ أن وعى بوجوده؟ لقد أصبحت تبدو له مستحيلة، اكتفى من لحظاته التي أسقته حياته إياها وهو يقطعها، فما وجدها سوى كونها تشبه بعضها البعض، أكيد لحظته تلك ستظل قيد الانتظار مادام يعيش تحت رحمة الغير والظروف، وهو لن يكون سوى غيره يعيش في جلباب نفسه.


سميا دكالي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق