الأربعاء، 15 مايو 2024

روح متمردة للشاعر ربيع دهام

 ( روحٌ متمرّدة / ربيع دهام)


صاحتْ أهازيجُ الفجرِ فبدّدتْ عنّي عواءَ الليلِ وكوابيسَه. 

انسللتُ مِن سريري كترنيمةِ جسدٍ حاكت له الشمسُ جناحَيْن. 

اقتربتُ من النافذة، وبكلِّ رحابةِ حُبٍّ وأملٍ فتحتُها. 

وضعتُ قدمي على حافةِ الشبّاكِ، وبالثانيةِ قفزتُ.

ولدقيقةٍ أو دقيقتين طرتُ. 

لكن، وبعد انكشاف أمر تمرّدي على فراشِ اليأسِ، رمقتُ مجموعةَ بنادقَ، بفوّهاتها المتربصّة، مثل ظلّي على الأرضِ تلاحقني. 

حاولتُ الابتعادَ عن مرمى رصاصاتِها ونجحتُ.  

هذا ما كنتُ قد اعتقدتُ. 

لكن رصاصةً واحدةً، يبدو أنّها كانت عنيدة مثلي، لاحقتني إلى ما فوق الغيوم، فأصابتْ بكل خبثٍ قلبي.

تسابقتُ أنا ودمي في السقوطِ. 

جسدي يسعلُ بلغماً من خلايا حمراء، 

وخلايا حمراءُ وجدتْ نفسها وحيدةً في العراء.

فوقي إلهٌ بدا أنّه تركني، 

وتحتي بنادقُ جائعة، طاردتْني رصاصاتها وما أصابتْني.

راحتْ البنادق تلقِّم أجشاءها برصاصاتٍ جديدة،

وتُطلقها بوحشيّة على ما تبقّى مني. 

ومِن ثمّ تلقِّم أحشاءها برصاصات جديدة وتصوِّبها، 

بفعل غيرةٍ، على البندقيّة الوحيدة التي أصابتني.

تفاجأت البندقيّة القاتلة بغدرِ رفقائها لها، فركضت

باتجاهي وقد حطّمها الغدرُ قبل الألمِ.

وقفتْ فوق جسدي الذاوي وبخيبةِ ضميرِ، صرختْ: 

- لو عرفتُهم سيقتلونني من بعدِك لما قتلتكَ!

ابتسمتُ بوجه البندقيّة العمياءِ. حدجتها بنظرةٍ أخيرة. 

و...

- قد فات الأوان، قلتُ لها،  ثم أسلمتُ جسدي للتراب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق