عندما يأتي الخريف.....
فى صباح يوم مشمس ذهبت أنا وقطتي الأليفة التي ما زالت ترافقني أينما ذهبت. تجولت أنا وهي في الحديقة التي خلف البيت فجلست في كوخي الخشبي الذي أقمته بين الأشجار التي زرعها والدي رحمه الله...
في ذلك الكوخ أمسكت بيدي المرتعشة فنجان قهوتي وأطرقت صامتا فجائني فكر عميق ...
أي نفسي.... لقد مررت يا نفس بكثير من الأهوال وتجولتِ كثيرا في بلاد العالم ولن تخضعي يوما للخنوع لأنني علمتك دوما لا خنوع بل قوة في الإرادة ومنحتك كل عزم على صعاب الأمور ومتعتك بأن تكوني وحدك منفردة حتى لا تُصيبك أمراض الآخرين.
بعدها إكتسبت منك الحكمة كوني أنا وأنت بعيدين عن معترك الجماهير الذين يُطالبون دوما زيادة في السمنة فها أنا توجتك لتكوني صاحبة مملكة لا يُنافسك عليها أحد....!
لقد هاجرتْ جميع الطيور التي كنت أرعاها وتركتني دون تغريد أنا وأنت. رفضتُ الهجرة معهم مع أنهم عزيزين.
وفضلت أن تكوني رفيقتي بعدهم أي قطتي إنني أعلم أنك تشعرين بي وتتلمسين ألمي لذلك أحببتك ولن أفضل حبا عن حبك فأنت أنيستي لكنني أتساءل؟ هل يعود الماضي ليتحد مع المستقبل مرة أخرى ونعيد الأناشيد ونبدأ الغناء من جديد...؟
أوليس عليَّ أن أكون شاكرا لتلك القطة التي بقيت معي وأبت الطيران إلى أفق بعيد...
هي ليست مثلنا فنحن لسنا أوفياء كما هي..
بقيتُ صامتا في صموت مذهل ضاقت بي هذه الأحشاء. لقد عشت عمري عاشقا لهذا الوطن وما زلت. لن أغادر موطني ، لقد تغربت كثيراً وذقت مرارة الغربة فمن ليس له وطن لا روح يحملها جسده...
أفقت من سبات عميق ونظرت للمرآة التي عُلقت في هذا الكوخ المُتهالك فوجدت الثنايا على وجنتي حين ذاك علمت سر الجسد....!
لقد إنتهى عصر العظماء ولن يكون هناك عظيم إلا من رابط في وطنه ومات فيه وهو واقف كشجرة سرو لا تنحني مهما كانت العواصف شديدة... كثيرا ما يكون القلب مُحبا فيتغلب على جسده ، وكثيرا ما تطلب النفس رفيقا لها ليؤنس وحدتها فلا تجد حالها في خلوة أبدية..
لكن مخالطة قُرناء السوء أشد قسوة من الوحدة التي لا تشوبها شكوك ولا أضغاث...!
إن قُرناء السوء لا يعرفون سر أنكَ حيٌّ ولماذا أنت موجود....!
لقد قررت أن أخلو بنفسي دوما حتى أكتشف سر قُوتي وأرى عظمة إرادتي والسيطرة على كل الصعاب. فبئرادتي أستطيع تجاوز كل شيء وهذا هو سر ما أفكر فيه دوما.....فكل نفس تتوق لشيء ما وأنا أتوق لخلوتي أبدا....
سالم المشني.... فلسطين..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق