السبت، 11 مايو 2024

كبرت وعرفت للأديبة إيمان مرشد حماد

 كبرتُ وعرفتُ


كبرتُ وعرفتُ أن الحياة أكبر وأعقد بأن نفهم كنهها في عمرنا القصير ، وأنها أكثر اتساعاً من الإطار الذي تضعها فيه عقولنا.  كبرتُ وعرفتُ ان البيت ليس رسما على الورق وإنما أكثر كلفة بكثير من قلم رصاص وعلبة ألوان وكراسة رسم ، بل هو مكان يبنى بعرق الجبين وبالصبر وبالتضحية الكبيرة ، وان المدفأة التي تنتهي بمدخنة ليست مكانا رومانسيا يمكن أن يحصل عليه الحالمون، بل هي ديكور يمتلكهُ الأثرياء الواقعيون الذين لا يمتلكون بضع دقائق لارتشاف كأس من الشاي أو فنجان من القهوة بجانب نارها  فيما تبقى هي حلم الكادحين. كبرتُ وعرفتُ أن الحديقة الجميلة ليس لوحة بقلم الفحم ، وأن أزهار التيولب التي حلمت بها في حديقتي لا  تنبت بالتمني ولا تزهر على جدران الإسمنت الصماء.  كبرتُ وعرفتُ انك قد تجتهد دهراً ولا تحقق من أحلامك إلا النزر اليسير وقد لا يجتهد أحدهم ويحققها بدفعة واحدة ممن لديهم القوة على الدفع. 

 كبرتُ وعرفتُ أن العصافير لا تغرد في الأقفاص فرحاً بل لأنها لا تستطيع الفرار من القضبان. كبرتُ وعرفتُ ان الأمومة ليست كتلك الصورة التي كانت تُعلق على جدران الغرف لامراة باسمة تحتضن طفلاً باكياً ، بل هي شيء يتم ببكاء الأم عمرا كاملاً ليبتسم ذلك الطفل المشاكس . كبرتُ وعرفتُ أن الأب والأم هما العمود الفقري الذي تنتصب بوجودهما الروح وتتقوس برحيلهما. كبرتُ وعرفتُ أن الإهتمام من جانب واحد لا يؤسس لعلاقة متوازنة مهما اجتهد الإنسان فيها. كبرتُ وعرفتُ ان الإنسان يولد فجّاً كالفاكهة وينضح تحت المصاعب ليكبر ويفهم وبعدها يحزن لأن الاقتراب من الحكمة يقربه من حافة القبر فهو إن نضج على شجرة الحياة سقط تحتها. 

#بقلمي

#إيمان_مرشد_ حماد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق