((أســـــــــــــــرارُ الــــمــــلــــكـــوت))
فــوّضـتُ أمـــري لأمـــرِ الـواحـدِ الأحــد
الـواسـعِ الـفـضلِ مَــنْ أمـسي لـهُ وغـدي
الـمُـسـتـعانُ بــــهِ فــــي كــــلِ حــادثـةٍ
والـمُـسـتغاثُ بـــهِ فــي الـعُـسرِ والـرّغـد
الـخـالـقُ الــبـرُّ مَـــنْ فــاضـت عــوائـدُهُ
وعـــمَّ إحـسـانُـهُ الـمـبـثوثُ فــي الأمــد
أيــاتــهُ فــــي بــديـعِ الــقـولِ: شــاهـدةٌ
عــلـى ســـوادِ الــورى بـالـصدِ والـجَـحَد
كــتــابُـهُ الـــكــونُ مــنـظـورٌ يـخـاطـبُـنَا
فــهـل نـعـي حـرفَـهُ الـمـنظورَ بـالـرشد؟
أم أنَّ لــيـلَ الــدُجـى فــي لُــجِ صـاحـبهِ
قــد اكـتـوت عـيـنُهُ فــي الـقـلبِ بـالرّمد
هــــذي الـسـمـاءُ نــجـومٌ تـزتـهـي ألــقًـا
والأرضُ مـبـسـوطـةٌ مـحـبـوكـةُ الــوتــد
والـلـيـلُ فـــي كــفّـهِ الأشــيـاءُ غـامـضةٌ
سِــتــرٌ يـقـيـنا مِـــنْ الــويـلاتِ والـنّـكـد
وتـحـتَ ثــوبِ الـدّجـى حـفـظٌ وعـافـيةٌ
مِــــنْ كــــلِ مُـهـلِـكَـةٍ مـفـتـولةِ الـمَـسَـد
أعـمـاقُـهُ غــاصَ فـيـها الـصـالحون ولــم
تــعــيَ جـوانِـبُـهـمْ مِـــنْ شـــدّةِ الـجـلـد
والـصـبـحُ فـــي ثـغـرهِ الأنــوارُ سـاطِـعةٌ
ويُــســتَـفـادُ بــــــهِ لـــلأهــلِ والـــولــد
عـــلــى مـــوائــدهِ الأيـــــاتُ ظـــاهــرةٌ
وفــــوقَ تــربـتـهِ ســيــلٌ مِــــنْ الــمـدد
نــسـيـمُـهُ هــيّــجَ الــوجــدانَ عــاطــرُهُ
وأضـــرمَ الـشـوقُ مِــنْ أنـسـامِهِ وقــدي
وفــي بـسـاطِ الـضـحى جـادت سـحائبُهُ
وكــم لــهُ فــي شـؤونِ الـخلقِ مِـنْ سـدد
والـبـحـرُ تـسـكـنُ فـــي أحـشـائـهِ نِــعـمٌ
والـفـلكُ فــي ظـهـرهِ تـرسو عـلى الـعُمُد
أمـــــا الــســحـابُ فـــأكــوامٌ مُـحـمّـلـةٌ
مِـــنْ الـمـيـاهِ مـــع شـــيءٍ مِـــنْ الـبـرد
فَـتُـخـرِجُ الأرضُ مِـــنْ خـيـراتِـهَا سُــفَـرًا
مِــــنْ الــفـواكـهِ أشــكــالًا بــــلا عــــدد
لـــكـــلِ فــاكــهــةٍ طـــعـــمٌ يــمــيّـزُهَـا
ومــاؤهـا واحـــدٌ والأرضُ فـــي الـجُـدَد
والـشـمسُ تـجـري عـلـى تـقـديرِ خـالـقِهَا
والـبـدرُ فــي ضـوئِهَا يـمشي عـلى صُـعُد
كـــلٌ لـــهُ فــلـكٌ فـــي حــكـمِ صـانـعـهِ
الــلّــهُ قــــدّرَهُ فــــي وقــتــهِ الأبــــدي
فــهــل يـلـيـقُ بــمـن زاغـــت بـصـيـرتُهُ
أن يــجـحـدَ الــلّــهَ بـالإلـحـادِ والــمـرد؟
أو أن يُـــبــارِزَهُ فـــــي مُــلــكِـهِ عــلــنًـا
بـــكــلِ ســاقــطـةٍ بــالـعـمـدِ والــرّصــد
لا يُــنــكـرُ الــبــعـثَ إلا جــاحــدٌ أشِــــرٌ
أو مُــنـكـرٌ لــجـنـابِ الــواحــدِ الــصّـمـد
ولا يُــعــارضُـهُ فـــــي قـــولــهِ: أحـــــدٌ
إلا مــصــابٌ بــــداءِ الــحـقـدِ والـحـسـد
داءُ الـــشــقــاوةِ لا طــــــبٌ يــعــالـجُـهُ
ولا دواءَ لـــــهُ أحـــلــى مِـــــنْ الـــوئــد
يــــا ربِّ لا تـخـزنـا يـــومَ الـحـسـابِ إذا
ضـاقـت عـلـينا بـفـضلٍ مـنـكَ يـا سـندي
وعــافـنـا واعـــف عــنـا يـــا كــريـمُ ولا
تـجـعـل لــنـا فـتـنةً تـفـضي إلــى الـكـأد
واحــفـظ إلــهـي بــلادَ الـمـسلمين وكــن
عَــونًـا لــنـا واكـفـنا مِــنْ هـجـمةِ الـقِـرد
وانـــصــر بـفـضـلـكَ أقــصـانـا وأُمّــتـنـا
واجــعـل مـــردَّ هــوانـا الـواحـدَ الأحــد
واعــطـف عــلـى عــبـدكَ الـمـكلومُ مَــنْ
بـلجت أشـواقُهُ واكـتوى بـالحبِ والسّهد
وصــــلِ ربِّ عــلــى الــهـادي وشـيـعـتهِ
وصـحـبهِ مــا عــلا فــي الـبحرِ مِـنْ زبـد
وآل بــيــتِ رســـولِ الــلّـهِ مـــا بـــرزت
أســـرارُهُ، وذوى فـــي حـسـنِـهَا خــلـدي
عــــبـــدالـــمـــلـــك الـــــعـــــبَّـــــادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق