الأحد، 30 يونيو 2024

الزواج المبكر في المجتمعات العربية للأديبة نادية التومي

 الزواج المبكر في المجتمعات العربية 


ان الزواج في مفهومه العام هو تكوين أسرة مستقلة عن العائلة، التى  عاش فيها الفرد منذ ولادته ويكون الزواج خاصة في المجتمع العربي عبر عقد شراكة بين رجل وامرأة وهو ما يسمى بعقد القران، وهو رباط يلزم الطرفين المتعاقدين مدى الحياة.


ان العلاقة بين الزوجين تقوم على المودة و التفاهم والاحترام المتبادل والالتزام والمسؤولية في تسير وتدبير شؤون العائلة المادية والمعنوية. 


فالزوج والزوجة هما المسؤولان عن ديمومية هذه العلاقة الزوجية المشتركة، يجتهدان على استقرار العائلة في كنف السعادة.


الحياة الزوجية ليست عالم تسبح فيه في الخيال لان الكثيرين من الاشخاص عند التقدم للزواج يظنون ان الرومنسية تحقق لهم الرفاهية في متطلباتهم الغير واقعية بل هناك من يظن انه بالزواج سيحقق احلاما كثيرة منها الهروب من واقعه المعيشي في بيت والديه خاصة اذ كان يعيش الخصاصة.


في اي علاقة وجود الرومنسية بين الطرفين وجوبي لان للرجل والمرأة احاسيس جياشة وطبيعة لاشباع العاطفة والغريزة الانسانية لدى البشر  ولكن في المقابل أيضا يجب وجود التفاهم والود والمودة والرعاية والاهتمام بين الطرفين وكذلك الحب بدون حساب او افكار مسبقة ذات مصلحة شخصية، لذلك نجد بعض العائلات تحاول تزويج ابنائها بدون تفكير المهم ان يرتاحوا من عبأ مصاريفهم.


وهناك العديد من الزيجات الغير صحيحة ومنها الزواج المبكر عند القصر فرغم التقدم الفكري والحضاري في البلدان العربية الا أننا نلاحظ في بعض المجتمعات العربية العائلات يزوجون ابنائهم مبكرا، فمازال الفكر ان الفتاة عندما تتجاوز سن العشرين فهي تصبح عانس، بالمقابل نرى بعض المجتمعات خاصة في المدن المتمدنة اصبحت الفتاة المتعلمة تتزوج في غير سن متقدم جدا، كما في الارياف لانها مازالت تطمح لتحصيل شهادات عليا وتسلق مناصب ومراتب في سلم العمل في دولتها، و ان الزواج سيعطلها على تحقيق احلامها.


يعد الزواج المبكر هو انتهاك لحقوق الانسان والمرأة خاصة فرغم او هناك قوانين وضوابط في بعض الدول تلزم الافراد والعائلات لعدم تزويج اولادهم في سن غير قانوني لانها تبقى مجرد قوانين على الورق، وان انتشار مثل هذه الممارسات يعد غير قانوني، و غير اخلاقي تجاه اي طرف متزوج لانه انتزع منه حق الاختيار والخيار وتقرير المصير وهذا يعد اخلالا في المجتمع لانه لا يتركز على حق المساواة بين الجنسين.


نرى ان الفتاة هي اكثر عرضة لقمع حقها في اختيار زوجها ومتى تتزوج في جل الزيجات تكون في سن بين الطفولة وبين المراهقة وهذا السن من المفروض ان الشخص هو مازال في فترة النمو الجسماني اولا ثم تكوين الشخصية وخاصة الجانب النفسي، فهو من المفروض ان يجد الحيطة من أفراد اسرته لتوجيهه وصقل شخصيته، ففي سن المراهقة يكون الفرد متذبذب وحتى قوامه الجسدي لم يكتمل فعليا بعد، رغم ان تكاوين جسده اكتملت ظاهريا،  ليظن الرائي انه كبير في العمر ولكن في الحقيقة مازال لم يكتمل في يولوجيا بعد، حتى ان هناك بعض الفتيات تتأخر عندهن العادة الشهرية فكيف لتلك الفتاة ان تتزوج وتقوم بممارسة العلاقة الزوجية الحميمية وممكن تنجب بعد ذلك فهي نفسها تعتبر مازالت صغيرة لتقوم بذلك.


يمكن بعض العقول الرجعية للعائلات، خاصة التى لم  تعلم اولادها خاصة في الارياف بالخصوص تظن ان الزواج  للفتاة  سترة لها، بذلك تضمن لها مستقبلها بتزويجها وفي كل الحالات يكون الزوج مسن وممكن ارمل او مطلق همه الوحيد هو ان يتزوج بفتاة وبنت بنوت وتكون "قطة مغمضة" حسب تعبيره وانه سيقوم "بتربيتها على يديه"، اما في المجتمع المتحضر في المدن الكبرى ان الفتاة تكون متعلمة مختلفة نوعا ما،  عائلتها ترشدها و تعلمها، تجعلها تعتمد على استقلاليتها في اختيار مصيرها وقرار زواجها.


من اجل يكون المجتمع سوي يجب تمكين المراهقين وخصوصا المراهقات من دعم للتعليم، او التكوين المهني ويجب ان يكون هناك تواصل بين الأفراد عن طريق الحوار المجتمعي بحضور اجتماعات ودروس تثقفية لترشيد الفتيات لتحسين الاندماج بالمجتمع وتحقيق اهدافها كشخص فعال، كذلك يجب بعث حملات اعلامية عبر التلفزيون او الراديو خاصة في المجتمعات الريفية التى تفتقر لوجود اليات حديثة  كمواقع التواصال الاجتماعي على سبيل المثال لا الحصر :الفيسبوك.


ايضا على الدول  ان تضع مخططات على النطاق الوطني لارشاد الشباب في كيفية التحضير للزواج والقوانين المرعية الاجراء حسب كل دولة والتى ايضا تقتضيه التشريعات الدينية.


فجل الفتيات التى ترغم على الزواج المبكر، تحرم من حقها في التعليم الى جانب تكون عرضة للامراض المنقولة جنسيا وممكن ايضا لصغر سنها، يكون الزوج اكبر منها سنا وبنية، قد يكون غير متزن جنسيا، يستعمل معها العنف في العلاقة الجنسية حتى انها تتعرض لاصابات بليغة كنزيف وفي بعض الاحيان قد تفارق الحياة وهذا يترك اذى نفسي وجسدي عند الفتاة الذي يصعب مدواته لسنوات لانها تشعر في تلك اللحظة  اولا لم تختار زواجها وكذلك كانها تعرضت للاغتصاب، لانها تعتبر مازالت صغيرة عن القيام بتلك العلاقة الغرائزية.


فالزواج المبكر عديد من السلبيات واهمها عدم نضج الطرفين الذي يمكنهم من تحمل مسؤوليات الحياة الزوجية والتى ترهق عاتقهم وتؤدي إلى صراع داخلي و مع الزوج، وخصومات كثيرة بينهما لان طريق التفاهم والتوافق وهما اهم العنصر في العلاقة فيكون الطلاق هو النتيجة، هناك العديد من الرجال عندما يقوم ابائهم بتزويجهم مبكرا، يعتبر نفسه حرم من التمتع بفترة العزوبية وانه كان ملزما لزواج بفتاة لم يحبها قط وممكن انه لم يراها الا في ليلة الدخلة، ويشعر ايضا انه غير مستعد لتحمل مسؤولية بيت وزوجة وممكن بعد ذلك ابناء فيختار العزلة وممكن النفور من الزوجة واختيار السهر خارج البيت وممكن شرب الخمر والمخدرات والقمار والزنا لانه يجد هناك متنفس اخر اختاره مجبرا ولكنه يعبر فيه عن حريته في الاختيار.


يجب على السلطات في اي دولة تشكو من ظاهرة الزواج المبكر ان تدرس هذه الظاهرة بتمعن وان تجد حلول جذرية كفيلة لتخرج الدولة من مشاكل كثيرة مثل الطلاق، بسبب العنف في العلاقة الزوجية و عدم التوافق الفكري مما يعرض احد الطرفين للقتل في بعض الاحيان.


بقلم نادية التومي 


قصة مصاحبة للمقال 


زواج ليلى المبكر 


كانت الغيوم السوداء تبلد السماء، ليل سرمدي، ظلام دامس، يسوده صمت رهيب، رعد ورياح تعصف بالمكان، وقع اقدام وطرق قوي على الباب في ساعة متأخرة من الليل، يا ترى من يكون الطارق هل هو صديق ام عدو او عابر سبيل؟؟؟ اسئلة كثيرة تحوم في فكر ليلى وهي كانت تنعم بسبات عميق بعد تعب يوم كامل في العمل خارج البيت وداخله آلت للفراش مبكرة على غير عادتها فزوجها لم يعد بعد للبيت كعادته فبعد العمل يذهب مباشرة للمسامرة مع أصحاب السوء وينسى إنه ترك مسؤوليات ورائه وبين وزوجة في كفالته، كانت في اول ايام زواجها كثيرة الخصومات معه على صنيعه كان رده دائما انه لم يتزوجها عنحب وانه ارضاء لوالده الذي كان صديق لوالدها وانه يكره رؤيتها وكان يتمنى ان يتزوج بصديقة له في العمل، كانت عندما توجه له التانيب على قوله يزيد من حدته في التعامل معها حتى يصل به الامر في بعض الحالات وهو في حالة سكر بشتمها وسبها وضربها، كانت تحمل حالها وتطهب الى بيت والدها ظنا منها ستجد صدر الحنون والابواب مفتوحة تجد زوجة الاب بالمرصاد وهي التى جعلت والدها يزوج ابنته من أبن صديقه عنوة لترتاح من وجودها معها بالبيت ليخلوا لها الجو لتسيطر على والدها ولتقدر يكتب لها كل الميراث باسمها حارمة بذلك ليلى من حقها الشرعي في ثروة ابيها، طبعا الأب يأنب ابنته ويرجعها عنوة الى بيت زوجها ويتهمها انها لم تصبر على زوجها ولم تعرف كيف تتصرف معه، يتنسى حتى ولو كانت هي على غير حق فهي لم تتلقى اي توجيهات من والدتها فأمها تركتها وهي صغيرة جدا وتزوجت من جديد ورحلت الى بلدة أخرى بعيدة على ابنتها، وجدت ليلى نفسها بين احضان زوجة اب لا تعرف الرحمة تكبدت منها العناء والحرمان من عطف الام والاب في نفس الوقت الذي لم يكن هذا الأخير يهتم بابنته فاهتمامه كله للعروس الجديدة التى اعجب بصغرها وبجمالها التى اغرته به، ذلك الشعور ترك ليلى القبول بالزواج بعدنان رغم صغري سنها عندما الزمها والدها به لان لا خيار عندها ولا بديل للهروب من بيت زوجة الاب المتسلطة كما ظنت انها ستجد الجنة في بيت عدنان.


عدنان بدوره لم يكن راضي على الزيجة ولكن قبر ارضاء لوالده طريح الفراش بمرض عضال، لذلك خير ان لا يكون هناك رابط  قوي بينه وبين ليلى غير عقد الزواج، تواصل الحياة الزوجية ببرودة بينهما ظنا منهما انهم سيتعودون ولكن الروتين كان قاتل، فعدنان أصبح يسهر خارج البيت مع أصحاب السوء بين معاقرة الكأس والقمار ومعاشرة النساء ليلبي حاجته الشهونية، انا ليلى تبقى طول ليلها أنتظر رجوعه لتحضر له عشائه فتجد منه الا الجفاء وعدم الإعتناء ولا الاكتراث شيء فشبء هي نفسها بدأت تتعود عن تلك الطريقة في الحياة ولم تعد تهتم لرجوعه ان كان مبكرا او متأخرا، ولكن هذه الليلة تعجبني من طرق الباب بتلك العجرفية هي غير متعودة ان يأتي احد في تلك الساعة وليس لها علاقات مع الجيران فمن يكون الطارق المجهول؟؟؟!


ذهبت مسرعة للباب ورجليها ترتجفان من وقع الطرق على الباب صوتها كان يرتجف من الخوف وهي تسأل من الطارق، لم يجبها احد، عاودت السؤال، كان هناك زفير وصوت يلهف كأنه في سباق للركض، فتحت الباب واذا بزوجها ممدود على عاتبة الباب وهو يتعرق ويرتجف وفوق ملابسه دماء، ارتعدت من المشهد الذي كان عليه زوجها لاول مرة منذ زواجهم شاهدته في تلك الحالة، ذعرت من ذلك المنظر ادخلت زوجها للصالون بصعوبة لانه لم يكن قادر على الوقوف، كانت تجره جرا حتى وضعته على الأريكة، كان عدنان في حالة يرثى له لم يقدر حتى بنطق جميلة مفيدة عندما سألته ليلى لماذا هو في هذه الحالة، حملت حقيبة الاسعافات الاولية لتضمد جروحه فهي كانت ممرضة بمستوصف الحي ولها دراية كبيرة بتضميد الجروح، كلما نظفت جرح بالمعقم كان عدنان يتألم بشدة، اعطته جرعة من الادوية المسكنة للالم، نزعت ثيابه المتسخة بالدماء والغبار، غطته باللحاف وجليت بجانبه طيبة الليل تراقبه وتقيس له حرارته كل ساعة، لم تتركه ولا لحظة ولم يغمض لها جفن عين حتى الصباح، في ساعة مبكرة أخذت صناعة تلفون وطلبت من عملنا اجازة مفتوحة لان زوجها مريض، كانت تتجول في البيت بدون ان تقوم بحركات مزعجة للا يستيقظ زوجها لانه لم ينعم ليلة كاملة بنوم مريح من شدة الالام. 


تمر ثلاثة ايام بليالها وهي تهتم بزوجها طريح الفراش لم تسأله مرة اخرى عن حيثيات تلك الليلة وما اوصله لتلك الحالة لانها تعودت منه عدم المبلالات، كان عدنان يستيقظ من حين لاخر اما ليذهب الحمام او يأكل قليلا او لتضميد جروحه وأخذ جرعة من الدواء ثم يعاود النوم، كان يراقب زوجته في صمت بدون انيشعرها بذلك، كان متعجب بما تقدمه له من خدمات رغم معاملته السيئة لها، بدأت شيء فشيء نظرته لها تتغير من يوم لاخر يرى زوجته بنظرة معجب نالت اعجابه مرأة لاول مرة في حياته، لم يكن يتصور للحظه ان زوجته لها جمال رباني لم يخلق مثله ولم يلاحظ منذ زواجه الأخلاق التى تتمتع بها ليلى لانه كان من الأصل رافض الزيجة التى فرضت عليه. بدأ الاعجاب والحب يجب في اعماقه، وفي ليلة من الليالي وهو جالس امام التلفاز طلب من ليلى ان تأتيه بالشاي وتجالسه ليشاهدوا معا التلفزيون تعجبت من طلبه في لم تتعود على ذلك معه، جالسته تجاذبوا الحديث مطولا معا كانت سهرة ممتعة، ضحكوا على الفيلم ثم لاول مرة في حياتها الزوجية لم تكن هناك برودة في العلاقة بل مودة، ارتؤا الى الفراش مثل اي زوجين بعد فتور دام لسنوات، لاول مرة في حياتهما شعروا باحساس الاستقرار في الحياة الزوجية، روى عدنان بعد مدة ما حصل له تلك الليلة وانه تعرض الغدر من اصدقائه الذين سرقوا ماله بعد ادخاله في حالة سكر كبير ولما اراد استرجاعه منهم انهالوا عليه بالضرب. تعلم اليوم قيمة العلاقات الإنسانية والصداقة وانه لا يجب الحكم الاشياء بدون تجربة، كذلك اعترف انه كان يجعل شخصية ليلى ووعدها انه مستقبلا سيكون لها الإحترام وانه سيبحث لها عن دروس في التكوين في مهنة الخياطة والتطريز اولا لتملئ وقتها ولا تقلق يوما كامل في البيت وهو في عمله وايضا ليكون لها دخل شخصي، وسيحاول جاهدا ان يعوضها عن تلك الايام التى كانت الحياة غير مستقرة بينهما، سيترك لها المجال في ان يكون لها رأي في كل شؤون البيت، فرحت ليلى لقرارت زوجها ولتغير معاملته معها وزاد حبها اليه اكثر وحاولت ان تذيب ذلك الجليد الذي بينهما وان تقترب منه اكثر فاكثر.


بقلم نادية التومي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق