الأربعاء، 5 يونيو 2024

عذرا ياأدم للشاعر الهادي المثلوثي

 عذرا يا آدم

لقد تنبح الكلاب عندما تستشعر خطرَا

وتفرّ الطيور إذا خافت وتصورت أمرَا

وقد ينبح بعض البشر استهتارا وقهرَا

ويلوذ بالفرار إذا كان الفعل برّا وخيرَا

ولا يتوقف موكب النباح مساء وظهرَا

ويقاتل البعض بعضه وقد يزداد تجبّرَا

ولأتفه الأسباب يتمارون تنكيلا وغدرَا

عراك وتناحر وتستمر المناكفات دهرَا

فما أقذر هذا الزمان ولقد اشتعل جورَا

وما أحقر هذا الإنسان فقد أبدع ضررَا

فالحاقد يحيا مترصدا ويموت متحسّرَا

والحاسد مثله يعيش جل حياته متوترا

والكسول ينام مرتاحا ويستفيق مجبرَا

ولا يتبدل ولو بقي مدى الدهر منتظرَا

والذليل لا يرفع رأسه عزا إلا مضطرَّا

وفاقد نخوة العز والكرم يرتاح محتقرَا

عفوًا يا آدم قد ساء أبناؤك فعلا وفكرَا

فعبثوا ولوثوا دنياهم جوا وبرا وبحرَا

فأبدعوا كرّا وفرّا وتفننوا تنكرا ومكرَا

وبارت جل القيم وفاضت النفوس شرَّا

فاشتعلت جشعا ونهبا وسطوا وتحرّرَا

وبات البعض أفظع من الحيوان تهوّرَا

ولا أحد يستحي مما يعمل سرّا وجهرَا

فالفساد أغرى العباد ونخر البلاد نخرَا

ومن ينأى بنفسه ترفّعا قد يموت قهرَا

وكأن من أراهم ليسوا بما يأتون بشرَا

الهادي المثلوثي / تونس


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق