رياح الجفاء
رحلت و ما كان للهجر بيننا حديث
فقسا الزمان علينا و دارت الدوائر
طال الفراق و اشتد لهيب النوى
لا الدمع أسعفني و لا الفؤاد صابر
ضاق الصدر و تمكن مني الهوى
الناس نيام و الجفن بعدك. ساهر
لم تزدني الأحلام منك إلا عطشا
سقم في الجسم و النحول ظاهر
لهجرك طاب الجرح و اشتد الجوى
جمر في الأحشاء و العقل حائر
يا هاجرتي ما لك بالغت في الجفا
تماديت حتى جفت بعدك المزاهر
تناهيد الليالي كواسر بين أضلعي
و آهات النهار شابت لها النواظر
مزقتني حراب أرى فيها مصرعي
و أشواق كأنها السيوف البواتر
كسيح و اليأس ترتجف له أصابعي
و الحروف دم اعتصرتها الدفاتر
حال خيط الوصل بيننا فلا لقاء
ولا رسول يأتي منك و لا أخبار
حتى بساتين الوصل التي جمعتنا
عانقتها أشواك الهجر كأنها مقابر
كأن ريح المحبة لم يكن بيننا قائم
و لم تتمايل على كتفي تلك الظفائر
و لا أرخت علينا النسائم ظلالها
و لا انكشفت بيني و بينك السرائر
أحن لأيام خفق الصدر لصفائها
كأنها سحب لعبت بظلالها الأعاصير
قيثارة عشق تسامرنا على أنغامها
تكسرت أوثارها و أسدلت الستائر
غيري ينام على سرير العشق زاهيا
و أنا كل ليلة على الأعتاب ساهر
مر نصف العمر لم أتذوق له طعما
بين محطات الشوق اليك يسافر
شربت مرارة الصبر أحسبه بلسما
أدمنته غصبا فزادني شربه انهيار
هان عليك الود و لم تنصفي حبيبا
توالت الخطوب و عاكسته الدوائر
أهكذا يكون جزاء الحب يا هاجرتي
ظلم وقسوة و جفاء و انكسار
ادريس العمراني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق