قصة قصيرة بعنوان ( حالة إنسا حيوانية أليفة)
عندما أمسكَ الهرَّة ليضعها في الكيس ، ماءت وحاولت أن تتفلَّتَ ولكنَّ مقاومتها للأمر لم تطلْ واستسلمتْ لقدرها
كانت ابنتُهُ تراقبُ المشهد بحزنٍ وتبكي بصمتٍ .
نظر إلى ابنته فأدمتْ قلبَهُ نظرةُ العتاب في عينيها
كفكف لها دموعَها بيده اليمنى بينما الكيس الذي يحوي الهرَّةَ في يده اليسرى، ربَّتَ على كتفها ففتحتْ الكيس وألقتْ نظرةً على الهرَّة وانفجرت باكيةً
تجاهل كلَّ شيءٍ ومضى إلى باب المنزل وخرج مسرعاً
كانت سيارتُه أمام المنزل مباشرةً ، وضع الهرَّة في مؤخرة السيارة ووقف لدقيقتين قبل أن يجلس خلف المقود.
كان الحزنُ يملأ قلبه ونظرة العتاب في عيني ابنته تلاحقه وكان لابدَّ مما ليس منه بدّ، عليه أن يتخلَّصَ من هذه الهرَّة لما أصبحت تسبِّبُه له من إزعاجات ومن مضايقات.
جلس داخل السيارة وأدار المفتاح قبل أن يفكِّر بالمكان الذي سيودعُ الهرَّة فيه .
عدَّة أفكار طرأت على مخيلته بينما كانت السيارة تسير ببطءٍ شديد.
هل يتركها في منتصف المدينة بالقرب من محلات بيع اللحوم فلا تجوع ، ولكنَّ وسط المدينة مزدحمٌ وفيه الكثير من السيارات بينما الهرة تعيش في حيِّه الهادئ وربما في زحمة السيارات ستتوه وتتعرَّضُ لحادثٍ يودي بحياتها.
هل يأخذها إلى أحد الأحياء الشعبيةِ ويتركها هناك ضمن الشوارع الضيقة التي لا تصل إليها السيارات إلا نادراً
ولكنها هناك ستتعرَّض للأذى من قبل الأطفال وهي أنيسةٌ ولن تهرب منهم ولربما تموت بين أيديهم
وهذه الفكرة أيضاً لم تلقَ لديه قبولاً
لمعت في ذهنه فكرةٌ ومع لمعانها بدأت عجلات السيارة تزيد في سرعتها، سيأخذها إلى المقبرة وهناك لن تصل. إليها السيارات ولن يصل إليها أطفال الشوارع وبإمكانه أن يأتي إليها بين الفترة والأخرى ليطمئنَّ عليها ويزوِّدها بالطعام ريثما تتأقلم مع المكان وتعتمد على نفسها
لاقت الفكرة لديه قبولاً وزاد في سرعته حتى وصل المقبرة
أوقفَ السيارة بجانب قبور أقاربه، نزل من السيارة وفتح غطاء المؤخرة
كانت الهرَّة وقد خرجتْ من الكيس تقف منتصبةً ولم تفعل كما تفعلُ الهررة في مثل هذه الحالة حيث ما إن يُفتَح الغطاء حتى تجري بسرعةٍ فائقة، لكنها هي انتظرتْ حتى أنزلها وأغلق الغطاء وهي تنتظره على الأرض
مشى إلى القبر فمشتْ معه، وعندما جلس جانب القبر وقفت في الجانب الآخر من القبر ولم تحوِّل عينيها عنه.
بدأ بتلاوة آياتٍ من القرآن الكريم بصوتٍ مرتفعٍ قليلاً بينما هي واقفةٌ لا تتحرك ونظرها معلِّقٌ به.
كانتْ نظرتُها تشبه نظرة ابنته الحزينة والتي تحمل الكثير من العتب
كان وهو يقرأُ يعود بذكرياته مع هذه الهرة التي سيتركها وحيدة ولأول مرة بعد عامٍ قضته في بيته منذ أن كانت صغيرةً حتى كبرت وهي اليوم على وشك الولادة
تذكر كيف كانت تضفي البهجة على البيت وجميع أفراد الأسرة بلعبها ومداعبة أولاده لها
عندما انتهى من القراءة قام واتجه صوب سيارته بينما كانت الهرة ما تزال واقفةً في مكانهابجانب القبر وتلاحقه بنظراتها العاتبة
وقف بجانب السيارة قليلاً ونظر إلى الهرة مطوَّلاً
فتح غطاء المؤخرة وناداها فهرعت إلى السيارة وقفل عائداً بها إلى البيت
وعندما وصل فتح لها الغطاء فقفزت مسرعةً واعتلت سور الحديقة وقفزت إلى النافذة وماءت ففتحت ابنته النافذة وحضنتها
عندما فتح باب المنزل وجدها في حضن ابنته ووجد في عيني ابنته وفي عيني الهرة نظرات الرضا
ابتسم لابنته فابتسمت له ، ربَّت على كتفها قائلاً : علينا أن نتحمَّل من نحبّ
المهندس : سامر الشيخ طه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق