الخميس، 22 أغسطس 2024

خاطرة مفاتيح القدر للدكتور مفلح شحادة شحادة

 خاطرة بعنوان مفاتيح القدر 


في ممرّات الحكاية، حيث الخيال يلقي بظلاله على مسرح الواقع، تخطو فتاةٌ ذات ثوبٍ أحمر كالعنقود المختمر تحت شمس الصيف. كل خطوة على درج الإسمنت الصامت تترك صدىً من الأسئلة التي تُطلِقُها النفس في رحلة البحث عن معنى.


على كتفها تستريح ثلاث مفاتيح كبيرة، كل واحدة تروي حكاية، وكل حكاية تحمل سراً. المفتاح الأول شاهد على أبواب الذكريات الموصودة، والثاني سفير لأحلام المستقبل المشرعة، والثالث لغز يداعب أبواب الروح الغامضة.


أمامها يقف غزال بعينين واسعتين مفعمتين بالحكمة؛ كأنه يستبين الطريق، متأملاً في صمت الحياة كمرشد يعرف الأسرار ويختار السكون على الكلام. وبجانبه شجرةٌ صلدة، تمتد جذورها في عمق الأرض وتعانق بأطرافها السماء، تهمس بحكايات الاستمرار والصمود.


وفي العلياء، تحلق طيور متعانقة مع النسيم، في رقصة حرة على إيقاع الأفق البعيد. هم كرسل الحرية يشدون بألحان الغد الذي لا يعرف القيود، يطيرون بلا هدىً سوى غريزة البقاء والرغبة في اكتشاف مراتع جديدة.


ما بين السماء والأرض، تبدو الفتاة وكأنها لغزٌ باذخ في وجوده. الثوب الأحمر يحكي قصص الحب والشجاعة، والمفاتيح تصرخ بألغازها التي تفتح مغاليق الفضول. أين هي الأبواب التي ستفتح؟ وأي أقفال ستكسر؟ 


لعلها تبحث عن بابٍ يُفصحُ عن موعد مع الذات لتحظى بمعرفة أعمق. أو ربما تتطلع لباب يؤدي بها إلى حديقة التطلعات حيث تُزهرُ الأماني وتتحقق الأحلام. وماذا عن الباب الثالث؟ ذاك الذي لربما يقودها إلى قلب الكون حيث تنصهر كل الأرض والسماء في روح واحدة.


تمضي الفتاة بخطواتها الواثقة والأسئلة تدور في فلكها. لا تعرف إلى أين هي ذاهبة، لكن في كل خطوة، تزداد يقيناً بأن كل درب هو دربها، وكل حلم هو قدرها، وكل باب هو فرصتها. في ترددها وقرارها، في بحثها وتساؤلها، في شكها وإيمانها، ترسم مسار الحياة بريشة الأمل.


تعلم أن المفاتيح التي تحملها هي مفاتيح روحها، وهي الوحيدة قادرة على تدويرها في قلب الزمان لتفتح أبواب المصير. وتدرك بأن الغزال والشجرة والطيور ليسوا سوى رفاق سفرها في ملحمة الوجود، حيث تُغنى قصائد الخلود.


في جعبتها تحمل أحجيات الغد، تنظر إلى الأمام بعزم الفارس وحلم الشاعر، وبكل مفتاح تسلك درباً نحو فجرٍ جديد. فلتكن رحلتها لوحة عمرٍ تتلون بظلال الغموض وأضواء الكشف، لكل مفتاحِ قصة، ولكل قصة بدايةً ونهاية.


دكتور مفلح شحادة شحادة كاتب وشاعر المانيا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق