السبت، 21 سبتمبر 2024

لاتسألوني للشاعرة سعاد شهيد

 نص بعنوان / لا تسألوني 

سمعت و أسمع حكايات 

عن تعاقب الفصول 

عن تسلسل الأحداث 

عن زواج الألوان 

نشوة الأرض و الذوبان 

سألوني عن الخريف 

عن أزهار الربيع 

عن دفء مدفأة الصقيع 

و عن رقصات الشمس  و الوداع

فتشت في ذكرياتي 

عن عطور البساتين 

عن غناء يتسكع في شريان 

عن أحلام ورقة التوت

قلت لا تسألوني 

فقط رياح الخريف تعرفني 

كانت معي في رحم الغيب

شربت حليب أمي 

ممزوجا بتراب الأرض 

غبار الرياح كان عطر لفتي الأولى

حتى أني وجدت بيدي 

ورقة  من شجرة عمري 

مكتوب عليها اسمي  

يوم عانق الهواء صرختي الأولى

عواصف الخريف رفيقة دربي 

كم لعبنا معا 

لهونا في باحة الأيام 

لم أكن أعرف أن لعبتي ثعبان 

و أن بيدي سما يراوغني 

يلعب معي 

لعبة الغميضة 

أعجبت بألوانه البراقة 

لم أخف يوما من التوائه بي 

كحزام على بطني 

يشدني 

ثم يطلق سراحي 

ضحكاتي تعلو 

أراقصه 

أحضنه 

حتى أني أبحث عنه إن غاب 

خريفي ليس له زمن 

ولد معي 

كبر معي 

صاحب أنفاسي 

يجلدني و أعود أفتش عنه 

يسجنني و أمد له يدي 

من داخل القضبان 

باخعة نفسي عليه 

لا تسألوني متى جاء الخريف 

لم يأت 

لم يغب 

لم يكن 

بل كان معي و أنا جنين 

في الرحم و زمن الولادة 

نعم ابنة آذار أنا 

ربيع و شقشقة العصافير 

و شقائق النعمان ترقص فرحا 

حمرة تغري بالجري 

تتمايل تغازل السنابل 

و بياض الثلج في عناق مع الجبال 

لكن الخريف سكني 

عواصفه موطني 

زمهرير رياحه بداخلي 

أنظر لأوراقي تسقط 

لخصلات شعري تتخبط 

لنظراتي لخيوط الشمس تمشط

ثم أعود أبحث عن بقاياي 

عن فتات في فم المرايا 

عن ملح رسم على الخذ آخاديد 

علي أقرأ تتمة الرواية 

علي أجد بعضا من الفصول 

من زبد البحر عالقا في الجبال 

أخذته نوارس بعيدا عن الحبال 

عن شاطئ المحال

عن ظل هارب من الضَلال 

لا تسألوني عن خريف عمري 

فعمره من عمري 

 هو أنفاسي و ظلي 

هو حبل أفكاري 

رضعت غباره في حليب أمي 

و لم يحن موعد الفطام

و لم يقطع الحبل السري 

مصابة بعمى الألوان 

رمادي جثم على الأجفان 

أنظر لشجرة أنفاسي 

أغصانها عارية من الحياة 

تنظر للسماء 

كأنها تقول 

سأموت واقفة ها هنا 

تعرف عنادي الرياح 

لن أركع لألتقط الأفراح 

و لن أتوسل الصباح 

 نعم بداخلي جريح 

في صمت أنوح 

أرش الملح على أوجاعي

لأحنق روائح آهاتي 

صمتي يكسر داخلي 

ابنة الريح أنا 

و الخريف عمره من عمري 

جاء قبل صرختي الأولى 

و كان رفيق خطواتي 

بقلمي / سعاد شهيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق