الاثنين، 14 أكتوبر 2024

القادم من الآخرة للشاعر محمد علي الشعار

 القادمُ من الآخِرة 


سأحتاجُ دهراً كي أُسرِّحَ أحزاني


أموتُ وأبلى ثمَّ أُبْعَثُ من ثانِ 


أُقطِّرُ من دمّي القصيدَ قوافياً


ويعحزُ عن كُنهِ البلاغةِ تِبياني


وكلُّ جروحي من معالمِ قريتي


إذا ٱندملتْ ضيَّعْتَ يا صاحِ عنواني


وأكبرُ منّي حزنُ سنبلةٍ ذوتْ


فأطبقتُ فوقَ الجمرِ دمعي وأجفاني 


وأكبرُ مني حزنُ نخلٍ لظلِّهِ 


وترتيلُ أُفْقٍ في غروبِ لظىً قانِ 


فذيّاكَ نجماتٌ تُشيِّعُ بعضَها


ومن خلفِها شمسي وبدري شهيدانِ 


هنيئاً لكَ الموتُ المُطهَّمُ سيِّدي


تخطّى رقابَ الذُّلِ في كلِّ ميدانِ 


تخطَّفَ من أشواطِه البرقُ سُنبُكاً 


يُشعْشِعُ ما فوقَ السماءِ بألوانِ 


ولاشيءَ في الدنيا يُعزّيكَ راحلاً


سوى أننا جمعاً رؤى زمنٍ فانِ 


لإنكَ في أنظارِهم جبلٌ لذا 


رمَوكَ صواريخاً بآلافِ أطنانِ 


سَحرْتَ قلوبَ العشقِ خُلْقاً ومنطقاً 


ملاكاُ بدا للناسِ في شكلِ إنسانِ 


وأرثيكَ لا أرثيكَ إذْ لم تَمُتْ ولن


تُقَوَّضَ آمالٌ وأنتَ لها بانِ 


وليسَ يموتُ الحقُّ مهما تكالبتْ


عليهِ طواغيتٌ من الإنسِ والجانِ 


تمنيتَ أنْ تلقى السما بشهادةٍ


وقلتَ دخاني بعدَ موتيَ أكفاني 


توارثتَ أقماراً تدورُ بفُلْكِها


تماماً كما أوحى الإلهُ بِحُسْبانِ 


أخذتَ من العباسِ كفَّ حميَّةٍ


وصافحتَها وصلاً بمهجةِ ظمآنِ


وصبراً يُسمى في العظائمِ زينباً 


تضلَّعَ قرآناً بعزمٍ وإيمانِ 


وسيفاً حريريَّ الملامسِ مُرهفاً 


تبرَّجَ من خَدَّيْهِ نورٌ لعُميانِ 


و وجهاً تُرابيَّ الجبينِ مُصلِّياً 


تُصلّي جبالٌ معْهُ من بعدِ وِديانِ 


تولَّدْتَ من سيفينِ ناصيةَ السنا 


فكنتَ سفيرَ الشمسِ في صوتِ أزماني


وأفديكَ ما يَفدي النهارُ بهِ الدجى 


عيوني... وما فاضتْ ضلوعي بأشجاني


تضيقُ على جسمِ المُضحِّينَ روحُهم


فوسِّعْ إلهي الروحَ في خلقِ أبدانِ 


لنصرِكَ يأتي بالبشائرِ حافلاً 


أوطِّدُ للوعدِ الإلهيِّ أركاني 


وبستانُكَ الموروثُ أزهرةُ المنى 


من الطفِّ حتى الطفِّ يبحثُ عن جانِ 


ويا مطريَّ الحرفِ وجهُكَ آيةٌ 


على كوثرِ الجناتِ يُقرا بإمعانِ 


ولو كنتُ عيسى ينفخُ الطينَ هيئةً 


أعدتْكَ غِرّيداً على غُصْنِ ريحانِ 


محمد علي الشعار 


11/10/2024

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق